فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٨٢
إلى المدينة فلعنهما الله حيث سارا قال أبو عبيدة وعلى هذا صالحتهما قال ونظر توما وهربيس إلى خالد وهو يتنازع مع أبي عبيدة فخافا الهلاك فأقبلا على أبي عبيدة ومعهما من يترجم عنهما وقالا له ما يقول هذا يعني خالدا قال الترجمان لأبي عبيدة ما نقول أنت وصاحبك فيه من المشاورة ان صاحبك هذا يريد غدرنا فنحن وأهل المدينة دخلنا في عهدكم ونقض العهد ما هو من شيمكم واني أسألكم ان تدعوني أن أخرج أنا وأصحابي واسلك أي طريق أردت فقال أنت في ذمتنا فاسلك أي طريق شئت فإذا صرت في أرض تملكونها فقد خرجت من ذمتنا أنت ومن معك فقال توما وهربيس نحن في ذمتكم وجواركم ثلاثة أيام أي طريق سلكنا فإذ كان بعد ثلاثة أيام فلا ذمة لنا عندكم فمن لقينا منكم بعد ثلاثة أيام وظفر بنا فنحن لهم عبيد ان شاء اسرنا وان شاء قتلنا فقال خالد قد اجبناك إلى ذلك لكن لا تحملوا معكم من هذا البلد الا الزاد الذي تتقوتون به قال أبو عبيدة لخالد هذا كلام داع لنقض العهد والصلح انما وقع بيننا انهم يخرجون برجالهم وأموالهم فقال خالد سمحت لهم بذلك الا الحلقة يعني السلاح فاني لا أطلق لهم شيئا من ذلك فقال توما لا بد لنا من السلاح نمنع به عن أنفسنا في طريقنا ان طرقنا طارق حتى نصل إلى بلدنا والا فنحن بين أيديكم فاحكموا فينا بما أردتم فقال أبو عبيدة اطلق لكل واحد قطعة من السلاح ان أخذ سيفا فلا يأخذ رمحا وان أخذ رمحا فلا يأخذ سيفا وان اخذ قوسا فلا يأخذ سكينا فقال توما لما سمع منهم ذلك الكلام قد رضينا بذلك وما يريد كل واحد منا الا قطعة من السلاح لا غير ثم قال توما لأبي عبيدة اني خائف من هذا الرجل اعني خالد بن الوليد فليكتب لي بذلك قال أبو عبيدة ثكلتك أمك انا معاشر العرب لا نغدر ولا نكذب وان الأمير أبا سليمان قوله قول وعهده عهد ولا يقول الا الصدق قال فانطلق توما وهربيس يجمعان قومهما ويأمرانهم بالخروج قال وكان الملك له خزانة ديباج وهربيس يجمعان قومهما ويأمرانهم بالخروج قال وكان الملك له خزانة ديباج في دمشق فيها زهاء من ثلاثمائة حمل ديباج وحل مذهبة فعزم على اخراجها وامر توما فضربت له خيمة من القز ظاهر دمشق وأقبلت الروم تخرج الأمتعة والأموال والاحمال حتى اخرجوا شيئا عظيما فنظر خالد بن الوليد إلى كثرة احمالهم فقال ما أعظم رحالهم ثم قرأ قوله تعالى ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون الآية ثم نظر خالد إلى القوم كأنهم حمر مستنفرة ولم يلتفت أحد إلى أخيه من شدة عجلتهم فلما نظر خالد إلى ذلك رفع يديه إلى السماء
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»