فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٧٧
الغوث من رب العالمين أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد وحمل في أوساط الناس بمن معه فجندل أبطالا وقتل رجالا وهو مع ذلك مشتغل القلب على أبي عبيدة والمسلمين الذين على الأبواب وهو يسمع أصواتهم وزعقاتهم قال وتصايح الروم والنصارى واليهود قال سنان بن عوف قلت لابن عمي قيس هل كانت اليهود تقاتلكم قال نعم يقاتلوننا من أعلى الاسوار ويرمون بالسهام وخشي خالد على شرحبيل ابن حسنة مما وصل اليه من عدو الله توما لأنه ملازما الباب وقال لقي شرحبيل بن حسنة من عدو الله توما أمرا عظيما لم يلق أحد مثله وذلك أنه هجم عليه توما في تلك اليلة وكان أول من وصل إلى المسلمين عدو الله توما قال فصبروا له صبر الكرام وقاتل عدو الله قتالا شديدا وهو ينادي أين أميركم الذميم الذي أصابني انا ركن الملك الرحيم أنا ناصر الصليب قال فلما سمع شرحبيل صوته قصد جهته وقد جرح رجالا من المسلمين وقال ها أنا صاحبك وغريمك أنا مبيد جمعكم وآخذ صليبكم انا كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطف عليه توما عطفة الأسد ورأى من شرحبيل بن حسنة أمرا هائلا ولم يزالوا كذلك إلى أن زال من الليل شطره وكل قرن مع قرنه وكانت زوجة ابان مع شرحبيل وكانت في تلك الليلة أحسن الناس صبرا ورمت بنبالها وكانت لا تقع نبلة من نبالها الا في رجل من المشركين إلى أن قتلت من الروم مقتلة عظيمة بالنبال والروم يتحايدون عنها إلى أن لاح رجل من الروم فرمته بنبلة فبقيت معلقة في نحره قال فصرخ بالروم فهاجموها وأخذوها أسيرة ومات عدو الله الذي رمته قال ولقي شرحبيل من الروم مالا يلقاه أحد وانه ضرب توما ضربة هائلة فتلقاها الملعون بدرقته فانكسر سيف شرحبيل فطمع عدو الله فيه وحمل عليه وظن أنه يأخذه أسيرا وإذا بفارسين قد أشرفا من ورائهما مع كبكبة من الفرسان فهجموا على الروم ونظروا وإذا بزوجة ابان قد خلصت وهجمت على الروم وهتفت فلحقها فارسان فبرز لهما عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنه فقتلا الرجلين ورجع عدو الله توما هاربا إلى المدينة قال حدثني تميم بن عدي وكان ممن شهد الفتوحات قال كنت في خيمة أبي عبيدة وذلك أن أبا عبيدة كان يصلي فيها إذ سمع الصياح فقال لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ثم لبس سلاحه ورتب قومه ودنا من القوم فنظر إليهم وهم في المعمعة والحرب وعدل عنهم ميسرة وميمنة إلى أن جاوزهم وعطف نحو الباب وكبر وكبر المسلمون فلما سمع المشركون تكبيرهم
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»