فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٧٩
ومعرفته بالاخبار والملاحم فقالوا كيف الرأي عندك فنحن نعلم أن هذا الأمير الذي على باب شرقي رجل سفاك للدماء فقال لهم ان أردتم تقارب الامر فامضوا إلى الذي على باب الجابية وليتكلم رجل يعرف بالعربية ويقول بصوت رفيع يا معاشر العرب الأمان حتى ننزل إليكم ونتكلم مع صاحبكم قال أبو هريرة رضي الله عنه وكان أبو عبيدة قد انفذ رجالا من المسلمين مكثرا بالقرب من الباب مخافة الكبسة مثل الليلة التي خلت وكانت النوبة تلك الليلة لبني دوس والأمير عليها عامر بن الطفيل الدوسي قال فبينما نحن جلوس في مواضعنا من الباب إذ سمعنا أصوات القوم وهم ينادون قال أبو هريرة فلما سمعت بادرت إلى أبي عبيدة قال وبشرته بذلك فاستبشر وقال أمض وكلم القوم وقل لهم لكم الأمان قال فأتيت القوم وبشرتهم بالأمان فقالوا من أنت فقلت أنا أبو هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أن عبيدا أعطوكم الأمان والذمام ونحن في الجاهلية لما غدرنا فكيف وقد هدانا الله إلى دين الاسلام قال فنزل القوم وفتحوا الباب وإذ هم مائة رجل من كبرائهم وعلمائهم فلما قربوا من عسكر أبي عبيدة تبادر إليهم وأزلوا عنهم الصلبان إلى أن وصلوا خيمة أبي عبيدة فرحب بهم وأجلسهم وقال إن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم قال إذا أتاكم عزيز قوم فأكرموه وتكلموا في أمر الصلح وقالوا انا نريد منكم ان تتركوا كنائسنا ولا تنقضوا علينا منها كنيسة وهي الجامع الآن بدمشق فقال لهم أبو عبيدة جميع الكنائس لا يؤمر بهدمها قال وكان في دمشق كنائس واحدة تسمى كنيسة مريم وكنيسة حنا وكنيسة سوق الليل وكنيسة انذار وهي عند دار عبد الرحمن ذرة فكتب لهم أبو عبيدة كتاب الصلح والأمان ولم يسم فيه اسمه ولا أثبت شهودا وذلك لأنه لم يكن أمير المؤمنين فلما كتب لهم الكتاب تسلموه منه وقالوا له قم معنا إلى البلد قال فقام أبو عبيدة وركب معه أبو هريرة ومعاذ بن جبل ونعيم بن عمرو وعبد الله بن عمرو الدوسي وذو الكلاع الحميري وحسان بن النعمان وجرير بن نوفل الحميري وسيف بن سلمة ومعمر بن خليفة وربيعة بن مالك والمغيرة بن شعبة وأبو لبابة بن المنذر وعوف بن ساعدة وعامر بن قيس وعبادة بن عتيبة وبشر بن عامر وعبد الله بن قرط الأسدي وجملتهم خمسة وثلاثون صحابيا من أعيان الصحابة رضي الله عنهم وخمسة وستون من أخلاط الناس فلما ركبوا وتقدموا نحو الباب قال أبو عبيدة أريد منكم رهائن حتى ندخل معكم فأتوه برهائن وقيل إن أبا عبيدة رأى في منامه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له تفتح المدينة ان شاء
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»