الله حق جهاده ثم كتب يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم الآية وقد جعلتك الأمير على أبي عبيدة ومن معه وبعث الكتاب مع نجم بن مقدم الكناني فركب على مطيته وتوجه إلى العراق فرأى خالدا رضي الله عنه قد اشرف على فتح القادسية فدفع اليه الكتاب فلما قرأه قال السمع الطاعة لله ولخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتجل ليلا واخذ طريقه عن اليمين وكتب كتابا إلى أبي عبيدة يخبره بعزله وبسيره إلى الشام وقد ولاني أبو بكر على جيوش المسلمين فلا تبرح من مكانك حتى اقدم عليك والسلام وبعث الكتاب مع عامر بن الطفيل رضي الله عنه وكان أحد أبطال المسلمين فأخذه وتوجه يطلب الشام وأما خالد فلما وصل إلى ارض السماوة قال أيها الناس ان هذه الأرض لا تدخلونها الا بالماء الكثير لأنها قليلة الماء ونحن في جيش عظيم والماء معكم قليل فكيف يكون الامر فقال له رافع بن عميرة الطائي رضي الله عنه أيها الأمير اني أشير عليك بما تصنع فقال يا رافع أرشدك الله بما نصنع ووفقك الله مولانا جل وعلا للخير قال فأخذ رافع ثلاثين جملا وعطشها سبعة أيام ثم أوردها الماء فلما رويت خرم أفواهها ثم ركبوا المطايا وجنبوا الخيول وساروا فكانوا كلما نزلوا منزلا أخذوا عشرة من الإبل يشقون بطونها ويأخذون ما يجدون من الماء في بطونها فيجعلونه في حياض الادم فإذا برد سقوه للخيل واكلوا اللحم ولم يزالوا كذلك حتى تمت الإبل وفرغ الماء وقطعوا مرحلتين بلا ماء وأشرف خالد ومن معه على الهلاك فقال خالد لرافع ابن عميرة يا رافع قد أشرفنا على الهلاك والتلف أتعرف لنا ماء ننزل فيه قال الواقدي وكان رافع رمدت عيناه فقال أيها الأمير أتاني رمد كما ترى ولكن إذا اشرفتم على ارض سهلة فاعلموني قال فلما أشرفوا عليها اعلموا رافعا بذلك قال فرفع طرف عمامته عن عينيه وسار على راحلته يضرب يمينا وشمالا والناس من ورائه إلى أن أقبل على شجرة من الأراك فكبر وكبر المسلمون ثم قال احفروا هنا قال فحفرت العرب وإذ الماء قد طلع كالبحر فنزل الناس عليه وشكروا الله تعالى واثنوا عليه وعلى رافع خيرا ثم وردوا الماء وسقوا خيلهم وابلهم ثم جدوا في طلب من انقطع من المسلمين ومعهم القرب بالماء قال فسقوهم فارتجعت قوتهم ثم لحقوا بالجيش وأراحوا أنفسهم ثم في ثاني يوم جدوا في المسير إلى أن بقي بينهم وبين أركة مرحلة واحدة فبينما هم كذلك إذ أشرفوا على حلة عامرة واغنام وابل قد سدت الفضاء
(٢٥)