أنتم نتهاون بأمركم لأنه ما كان أضعف منكم لأنكم جياع مساكين ضعفاء وتعودتم أكل الذرة والشعير ومص النوى فلما خرجتم إلى بلادنا وأكلتم طعامنا وفعلتم ما فعلتم وقد بعث لكم الملك رجالا لا تقاس بالرجال ولا تكترث بالابطال ولا سيما هذا الرجل الذي بجانبي فاحذر منه أن ينزل بك ما انزل الغلام بالأسد وقد سألني أن أخرج إليك واتلطف بك في الكلام فأخبرني ما الذي تريد قبل أن يهجم عليك هذا الفارس فلما سمع خالد منه ذلك قال يا عدو الله والله لا نحسبكم عندنا في الحرب الا كقابض الطير بشبكة وقد قبضتها يمينا وشمالا فلم يخرج الا ما انفلت منه وأما ما ذكرت من بلادنا وأنها بلاد قحط وجوع فالامر كذلك الا أن الله تعالى ابدلنا ما هو خير منه فأبدلنا بدل الذرة الحنطة والفواكه والسمن والعسل وهذا كله قد رضيه لنا ربنا ووعدنا به على لسان نبيه وأما قولك ما الذي تريدونه منا فنريد منكم احدى ثلاث خصال اما أن تدخلوا في ديننا أو تؤدوا الجزية أو القتال وأما قولك ان هذا الرجل الذليل الذي هو عندكم مسكين فهو عندنا أقل القليل وان يكن هو ركن الملك فأنا ركن الاسلام أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم معارك الشام قال الواقدي رحمه الله تعالى فلما سمع جرجيس كلام خالد تأخر إلى وراءه وقد تغير لونه فقال له كلوس يا ويلك رأيتك في بدايتك تهيم كالسبع فمالك قد تأخرت فقال وحق المسيح ما أعلم انه الفارس الجحجاح وبطلهم الصفاح هذا صاحب القوم الذي ملأ الشام شرا فقال كلوس يا جرجيس اسأله ان يؤخر الحرب بيننا إلى غد فالتفت إلى خالد وقال له يا سيد قومك هذا صاحبي يريد ان يرجع إلى قومه ليشاورهم فقال خالد ويحك أتريد ان تخدعني بالكلام وأقبل برمحه في وجه جرجيس فلما نظر جرجيس ذلك انعقد لسانه وولى هاربا فلما رأى خالد ذلك طلب كلوس وحمل عليه وتطاعنا واحترز البطريق من طعنات خالد فلما نظر خالد احتراز البطريق خط يده في أطواقه وجذبه فقلعه من سرجه فلما نظر المسلمون فعل خالد كبروا بأجمعهم وتسابق الفرسان إلى خالد فلما قربوا منه رمى لهم البطريق وقال اوثقوه كتافا فصار يبربر بلسانه فأتى المسلمون بروماس صاحب بصري وقالوا له أسمع ماذا يقول فقال لهم يقول فقال لهم يقول لكم لا تقتلوني فاني أجبت صاحبكم في المال والجزية فقال خالد استوثقوا منه ثم نزل عن
(٣٦)