فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٠
فقالوا أفلح والله وجهك فهذا والله فتح قد رزقنا الله إياه ببركتك قال عبد الله بوجوهكم ثم حازوا الأموال والغنائم والخيل وستمائة أسير وقتل من المسلمين سبعة نفر فواروهم وصلى عليهم ابن عمر وانعطف الجيش إلى عمرو بن العاص وحدثوه بما جرى ففرح وحمد الله تعالى ثم دعا بالأسرى واستنطق منهم بالعربية فما كان فيهم غير ثلاثة نفر من أنباط الشام فسألهم عن خبرهم وخبر أصحابهم فقالوا يا معشر العرب ان هذا روبيس قد أقبل في مائة الف فارس وقد امره الملك ان لا يدع أحدا من العرب يصل إيليا وانه بعث بهذا البطريق طليعة وقد قتل وكأنكم به فقال عمرو ان الله يقتله كما قتل صاحبكم ثم عرض عليهم الاسلام فما أحد منهم أسلم فقال عمرو للمسلمين كأنكم بصاحبهم وقد أتى يأخذ ثأرهم وهؤلاء تركهم علينا بلاء ثم أمر بضرب أعناقهم وصاح بالمسلمين استعدوا فاني أظن أن القوم سائرون فان أتوا الينا فهم في شدة وقوة وسنلقي منهم تعبا في القتال وان سرنا إليهم نرجو من الله النصر والظفر بهم كما ظفرنا بغيرهم وما عودنا الله الا خيرا قال أبو الدرداء بتنا مكاننا فلما جاء الله بالصباح رحلنا فما بعدنا غير قليل حتى أشرقت علينا عشرة صلبان تحت كل صليب عشرة آلاف فارس فلما أشرف الجيش على الجيش أقبل عمرو ورتب أصحابه وجعل في الميمنة الضحاك وفي الميسرة سعيدا وأقام على الساقة أبا الدرداء وثبت عمرو في القلب ومعه أهل مكة وأمر الناس يقرأون القرآن وقال لهم اصبروا على قضاء الله وارغبوا في ثواب الله وجنته ثم إنه جعل يصفهم ويعبيهم تعبية الحرب ونظر روبيس بطريق الروم إلى عسكر المسلمين وقد صفهم عمر بن العاص لا يخرج سنان عن سنان ولا عنان عن عنان ولا ركان عن ركاب وهم كأنهم بنيان مرصوص وهم يقرأون القرآن والنور يلمع من نواصي خيولهم فشم منهم رائحة النصر وتبين من نفسه الجزع وعلم أن كل من معه كذلك فوقف ينظر ما يكون من المسلمين وانكسرت حميته قال وكان أول من برز من جيش المسلمين سعيد ابن خالد رضي الله عنه وهو أخو عمرو بن العاص من أمه فلما برز نادى برفيع صوته ابرزوا يا أهل الشرك ثم حمل على الميمنة فالجأها إلى المسيرة وحمل على الميسرة فالجأها إلى الميمنة وقتل رجالا وجندل ابطالا ثم اقتحم فيهم فشوشهم وزعزع جيشهم قال فاجتمعوا عليه فقتلوه رحمة الله عليه قال فحزن المسلمون على قتله حزنا عظيما وأكثرهم عمرو بن العاص وقال واسعيداه لقد اشترى نفسه من الله عز وجل ثم قال يافتيان من يحمل معي هذه الحملة حتى ننظر ما يكون
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»