فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢١
من امرها وأنظر حال سعيد قال فاسرع بالإجابة ذو الكلاع الحميري وعكرمة بن أبي جهل والضحاك والحرث بن هشام ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين قال عبد الله وكنا سبعين رجلا وحملنا حتى دنونا من القوم وهم لا يفكرون من حملتنا لأنهم جبال من حديد قال الواقدي رحمة الله عليه فلما رأى المسلمون ثبات الروم صاح بعضنا لبعض ابعجوا دوابهم فما هلاكهم غير ذلك قال فبعجنا دوابهم بالأسنة فتنكسوا فبعد انتكاسهم تفرق بعضهم عن بعض وحملوا علينا وحملنا عليهم وكنا فيهم كالشامة البيضاء في جلد البعير الأسود وكان شعارنا يوم فلسطين لا إله إلا الله محمد رسول الله يا رب انصر أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال أبو الدرداء فلقد شغلني الحرب عن مناشدة الاشعار ولقد كان أحدنا لا يدري أهو يضرب أخاه أو عدوه من كثرة القتام قال فثبت المسلمون مع قتلهم وفوضوا امرهم إلى الله عز وجل وما كان أحد من المسلمين يضرب الا وظهره ناطق بالدعاء يقول اللهم انصرنا على من يتخذ معك شريكا قال عبد الله بن عمر بن الخطاب فلم يزل الحرب بيننا إلى وقت الزوال وهبت الرياح والناس في القتام إذ نظرت إلى السماء وقد انفرج فيها فرج وخرجت منها خيول شهب تحمل رايات خضرا أسنتها تلمع ومناد ينادي بالنصر أبشروا يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقد أتاكم الله بالنصر قال فلما كان غير قليل إذ نظرت إلى الروم منهزمين والمسلمون في أعقابهم لان خيل العرب أسبق من خيل الروم قال ابن عمر فقتلنا في هذه الواقعة قريبا من خمسة عشر الف فارس وأكثر ولم نزل في آثارهم إلى الليل وعمرو بن العاص قد فرح بالنصر وقلبه متعلق بالمسلمين لاسراعهم وراء العدو وقال عمرو بن غياث فنظرت إلى عمرو بن العاص والراية في يده وقد أوفى القناة على عاتقه وهو يعركها بيده ويقول من يرد الناس علي رد الله عليه ضالته إذ نظرت العرب قد عطفت راجعة كعطفة الام على ولدها فاستقبلهم عمرو وهو يقول هنيئا لهذه الوجوه التي تعبت في رضا الله تعالى أما كان لكم كفاية في أن خولكم الله حتى اتبعتم العدو فقالوا ما أردنا الغنيمة بل القتال والجهاد قال ولما رجع المسلمون لم يكن لهم همة الا افتقاد بعضهم بعضا ففقد من المسلمين مائة وثلاثون رجلا ختم الله لهم بالسعادة منهم سيف بن عبادة ونوفل بن دارم والاهب بن شداد والباقي من اليمن ووادي المدينة قال فاغتم عمرو لفقدهم ثم راجع نفسه وقال قد نزل بهم خير وأنت يا عمرو تأبى ذلك ثم ندب الناس إلى الصلاة كما أمره أبو بكر الصديق رضي الله عنه فصلى ما فاته كل صلاة بأذان وإقامة قال ابن
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»