والمستوى فأسرع المسلمون إلى الحلة وإذا براع يشرب الخمر والى جانبه رجل من العرب مشدود قال فتبينه المسلمون وإذا هو عامر بن الطفيل الذي أرسله خالد قال فأقبل خالد ابن الوليد مسرعا حتى وقف عليه فلما رآه تبسم وقال يا ابن الطفيل كيف كان سبب اسرك قال عامر أيها الأمير اني أشرفت على هؤلاء القوم في هذه الحلة وقد أصابني الحر والعطش فملت إلى هذا الراعي ليسقيني من اللبن فوجدته يشرب خمرا فقلت له يا عدو الله أتشرب الخمر وهي محرمة فقال لي يا مولاي انها ليس بخمر وانما هي ماء زلال فانزل كي تراه واستنشق ما في الجفنة فإن كان خمرا فافعل ما بدا لك فلما سمعت كلامه أنخت المطية ونزلت عن كورها وجلست على ركبتي في الجفنة وإذا نا بالعبد قد طلبنا بعصا كانت إلى جانبه وضربني على رأسي فشجني شجة موضحة فانقلبت على جانبي فأسرع العبد إلي وشدني كتافا واوثقني رباطا وقال لي أظنك من أصحاب محمد بن عبد الله ولست أدعك من بين يدي أو يقدم سيدي من عند الملك فقلت له ومن سيدك من العرب فقال القداح بن وائلة واني عند هذا العبد كلما شرب الخمر حضرني كما ترى والقى علي فضلة من كأسه قال فلما سمع خالد بن الوليد كلام عامر بن الطفيل اشتد به الغضب ومال على العبد وضربه ضربة هائلة فجندله صريعا ونهب المسلمون المال والأغنام والإبل وقلعوا الحلة بما فيها وأطلق عامرا وقال له أين رسالتي يا عامر فقال يا مولاي هي في طرف عمامتي لم يعلم بها العبد فقال خالد انطلق بها يا عامر على بركة الله تعالى قال فركب عامر وسار يطلب الشام وارتحل خالد من موضعه ذلك فنزل بأركة وهي رأس الأمانة لمن يخرج من العراق وكانت الروم تمسك بها القوافل وكان عليها بطريق من قبل الملك فأغار خالد عليها وأخذ ما كان فيها وتحصن أهلها بحصنها وكان يسكن فيها حكيم من حكماء الروم وقد طالع الكتب القديمة والملاحم فلما رأى المسلمين وجيشهم انتقع لونه وقال اقترب الوقت وحق ديني فقال أهل اركة وكيف ذلك قال إن عندي ملحمة فيها ذكر هؤلاء القوم وان أول راية تشرف من خيلهم هي الراية المنصورة وقد دنا هلاك الروم فانظروا ان كانت رايتهم سوداء وأميرهم عريض اللحية طويل ضخم بعيد ما بين المنكبين واسع الهيكل في وجهه أثر جدري فهو صاحب جيشهم في الشام وعلى يديه يكون الفتح قال فنظر القوم وإذا الراية على رأس خالد وهي كما قال حكيمهم قال
(٢٦)