فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٩
قطرة دم في سبيل الله أو دمعة جرت في جوف الليل من خشية الله قال الله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * ثم جمل وحمل المسلمون على جيش بصرى قال عبد الله بن عدي واجتمع علينا العدو وطمعوا فينا وحملوا علينا في اثني عشر الف فارس من الروم ونحن فيهم كالشامة البيضاء في جلد البعير الأسود وصبرنا لهم صبر الكرام ولم يزل القتال بيننا وبينهم إلى أن توسطت الشمس في قبة الفلك وقد طمع العدو فينا فرأيت شرحبيل بن حسنة قد رفع يده إلى السماء وهو يقول يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والاكرام اللهم انصرنا على القوم الكافرين قال فوالله ما استم شرحبيل كلامه ودعاءه حتى جاء النصر من عند الله العزيز الحكيم وذلك أن القوم داروا بنا فرأينا غبرة قد أشرفت علينا من صوب حوران فلما قربت لنا رأينا تحتها سوابق الخيل فلاحت لنا الاعلام الاسلامية والرايات المحمدية وقد سبق الينا فارسان أحدهما ينادي ويزعق يا شرحبيل يا ابن حسنة ابشر النصر لدين الله انا الفارس الصنديد والبطل المجيد انا خالد ابن الوليد والاخر يزعق ويقول انا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وأشرفت العساكر من كل جانب قال وأشرفت راية العقاب يحملها رافع بن عميرة الطائي قال حدثنا سالم بن عدي عن ورقاء بن حسان العامري عن مسيرة بن مسروق العبسي قال والله لقد خمدت أصوات الروم عند زعقة خالد رضي الله عنه واقبل المسملون يسلم بعضهم على بعض واقبل شرحبيل بن حسنة إلى خالد بن الوليد وسلم عليه فقال خالد يا شرحبيل أما علمت أن هذه مينا الشام والعراق وفيها عساكر الروم وبطارقتهم فكيف غررت بنفسك وبمن معك من المسلمين قال كله بأمر أبي 2 عبيدة فقال خالد أما أبو عبيدة فإنه رجل خالص النية وليس عنده غائلة الحرب ولا يعلم بمواقعها ثم أمر الناس بالراحة فنزلوا وارتاحوا من اتعابهم فلما كان في اليوم الثاني زحفت جيوش بصرى على المسلمين فقال خالد ان الروم زحفوا لعلمهم بتعبنا وتعب خيولنا فاركبوا بارك الله فيكم واحملوا على بركة الله تعالى قال فركب المسملون واخذوا اهبتهم للحرب فجعل من الميمنة رافع بن عميرة الطائي وجعل في الميسرة ضرار بن الأزور وكان غلاما فاتكا في الحرب وجعل على الدرك عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ثم قسم جيش الزحف فجعل على
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»