فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٣
المسلمون فقال خالد يا أيها الناس هل اروى سعيد رمحه وسيفه في الكفار قالوا نعم فلقد قاتل وما قصر ولقد جاهد في الدين ونصر فقال أروني قبره قال فأروه إياه فأقام على القبر و قال يا ولدي رزقني الله الصبر عليك والحقني بك وانا لله وانا اليه راجعون والله ان مكنني الله لآخذن بثأرك يا ولدي عند الله احتسبتك ثم قال لعمرو بن العاص اني أريد أن أسري بسرية في طلب القوم فلعل أن أجد فيهم فرصة أو غنيمة وأكون قد أخذت بثأر ولدي فقال عمرو ان الحرب امامك يا ابن الام فإذا رأيت الروم فلا تبق عليهم فقال خالد والله لأسيرن إليهم ثم أخذ أهبته للمسير وعزم ان يسير وحده فركب معه ثلاثمائة فارس من فتيان حمير فساروا يومهم ذلك اجمع وأرادوا النزول في الأودية ليعلفوا دوابهم ويسيروا ليلتهم إذ نظر خالد بن سعيد إلى أشباح على ذروة جبل هناك عال منيع فقال لأصحابه اني أرى أشباحا على ذروة هذا الجبل ونحن في هذا الوادي ثم قال كونوا في اماكنكم ثم نزل عن فرسه وتقلد سيفه والتحف بإزاره وقال اعلموا ان القوم ما علموا بنا ولو نظروا الينا ما ثبتوا في أماكنهم فمن منكم يبذل نفسه ويصنع كما أصنع قالوا كلنا لك قال فطافوا في الجبل حتى أشرفوا على القوم وهم في أماكنهم فعند ذلك قال خذوهم بارك الله فيكم فأسرع إليهم المسلمون فقتلوا منهم ثلاثين وأسروا أربعة فسألهم خالد بن سعيد فإذا هم من أنباط الشام عن حالهم فقالوا نحن من أهل هذا البقيع والجامعة وكفار القرية وقد عظم علينا دخول العرب إلى بلادنا وقد فزعنا منهم فزعا عظيما وقد هرب أكثرنا إلى الحصون والقلاع وقد اعتصمنا نحن بهذا الجبل لأنه ليس في الرستاق أحصن منه فعلونا عليه وأنتم كبستمونا قال خالد فما بلغكم عن جيش الروم قالوا بأجنادين وهذا البطريق أقبل الينا ليأخذ الميرة والعلوفة وقد جمعوا له الدواب والبغال والحمير تحمل الميرة وهم مع ذلك خائفون ان تلحقهم خيل العرب وهذا خبر قومنا ولا شك انهم رحلوا من يومهم قال فلما سمع خالد بن سعيد مقالتهم قال غنيمة للمسلمين ورب الكعبة ثم قال اللهم انصرنا عليهم ثم سأل على أي طريق سار القوم قالوا على هذه الطريق التي أنتم عليها لأنها أوسع الطرق كلها واما الميرة فإنها مجموعة من حول البلاد فلما سمع خالد كلامهم قال لهم أسلموا فقالوا له ما نعرف الا دين الصليب ونحن فلاحين قال فهم خالد بقتلهم فقال رجل من أصحابه دعهم يدلونا على الطريق إلى مسيرة القوم فأجابوهم إلى ذلك وساروا وهم يدلونهم إلى تل عظيم قال فتوافق
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»