عمر ما صلى خلفه الا قليل بل صلى الناس في رحالهم من تبعهم ولم يجمعوا من الغنائم الا القليل وبات الناس فلما أصبح عمرو أذن وصلى بهم وأمر الناس بجمع الغنائم وأن يخرجوا إخوانهم المؤمنين من الروم فجعلوا يلتقطونهم قال فأخرجوا مائة وثلاثين رجلا ووجدوا سعيد بن خالد فلما نظر عمرو إلى ما نزل به بكى وقال رحمك الله فقد نصحت لدين الله وأديت النصيحة ثم جعله في جملة المسلمين وصلى عليهم وأمر بدفنهم وذلك قبل أن يخمس شيئا من الغنائم ثم بعد ذلك جمعها اليه وكتب إلى أبي عبيدة كتابا يقول فيه كتاب عمرو بن العاص إلى أبي عبيدة بسم الله الرحمن الرحيم من عمرو بن العاص إلى أمين الأمة أما بعد فاني احمد الله الذي لا إله إلا هو واصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم واني قد وصلت إلى ارض فلسطين ولقينا عساكر الروم مع بطريق يقال له روبيس في مائة الف فارس فمن الله بالنصر وقتل من الروم خمسة عشر الف فارس وفتح الله على يدي فلسطين بعد أن قتل من المسلمين مائة وثلاثون رجلا فان احتجت إلي سرت إليك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ودفع الكتاب إلى أبي عامر الدوسي وأمره أن يسير إلى أبي عبيدة قال فأسرع أبو عامر بالكتاب فوجد أبا عبيدة وهو نازل بأرض الشام وجاهر بالدخول إليها غير أنه امره كما امره أبو بكر قال فلما وصل أبو عامر قال له أبو عبيدة ما وراءك قال خير هذا كتاب من عمرو بن العاص يخبرك بما فتح الله على يديه ثم سلم اليه الكتاب فلما قرأه خر ساجدا فرحا بنصر الله ثم قال والله قتل من المسلمين رجال اخيار منهم سعيد بن خالد قال أبو عامر فكان خالد والده جالسا فلما سمع بأن ولده قد قتل قال وا ابناه وجعل يبكيه حتى بكى المسلمون لبكائه ثم إن خالدا اسرع إلى فرسه فركبها وعزم إلى ارض فلسطين لينظر إلى قبر ولده فقال أبو عبيدة كيف تسير وتدعنا فقال انما انظر قبر ولدي وأرجو الله ان يلحقني به قال وكتب أبو عبيدة كتابا لعمرو بن العاص يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم إنما أنت مأمور فإن كان أبو بكر امرك أن تكون معنا فسر الينا وان كان امرك بالثبات في موضعك فاثبت والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وطوى الكتاب وسلمه إلى خالد بن سعيد وسار مع أبي عامر إلى أن اتيا إلى جيش عمرو بن العاص فدفع له الكتاب وهو يبكي فوثب عمرو وصافح خالد ورفع منزلته وعزاه في ولده سعيد وعزاه
(٢٢)