فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٧
واجتمعوا على بطريقهم وقالوا له أنت تعلم أن الحكيم سمعان لا ينطق الا بالحق والحكمة وقد قال كذا وكذا والذي وصفه لنا رأيناه عيانا ونرى من الرأي أن نعقد بيننا وبين العرب صلحا ونأمن على حريمنا وأنفسنا فلما سمع ذلك بطريقهم قال اخروني إلى غد لأرى من الرأي قال فانصرفوا من عنده وبات البطريق يحدث نفسه ويدبر امره وكان عارفا عاقلا خبيرا بالأمور وقال إن أنا خالفتهم خفت أن يسلموني للعرب وقد تحقق أن روبيس سار بجيش عظيم فهزمهم العرب ولم يزل يراود نفسه إلى أن أصبح الصباح فدعا قومه وقال على ماذا عولتم قالوا عولنا على اننا نقيم الصلح بيننا وبين العرب فقا البطريق انا واحد منكم مهما فعلتم لا أخالفكم قال فخرج مشايخ أركة إلى خالد وكلموه في الصلح فأجابهم إلى الصلح والان الكلام لهم وتلقاهم بالرحب والسعة ليسمع بذلك أهل السخنة ويبلغ الخبر لأهل قدمه وكان الوالي عليهم بطريق اسمه كوكب فجمع رعيته وقال لهم بلغني عن هؤلاء العرب انهم فتحوا أركة والسخنة وان قومنا يتحدثون بعدلهم وحسن سيرتهم وانهم لا يطلبون الفساد وهذا حصن مانع لا سبيل لاحد علينا ولكن نخاف على نخلنا وزرعنا وما يضرنا ان نصالح العرب فان قومنا هم الغالبين فسخنا صلحهم وان كان العرب ظافرين كنا آمنين قال ففرح قومه بذلك وهيئوا العلوفة والضيافة حتى خرج خالد رضي الله عنه من اركة ونزل عليهم فخرجوا الهي بالخدمة وصالحهم على ثلاثمائة أوقية من الذهب وكتب لهم كتابا بالصلح ثم ارتحل عنها إلى حوران وبلغ عامر بن الطفيل كتاب خالد إلى عبيدة فلما قرأه تبسم وقال السمع والطاعة لله تعالى ولخليفة رسول الله صلى الله علبه وسلم ثم اعلم المسلمين بعزله وولاية خالد بن الوليد وكان أبو عبيدة وجه شرحبيل بن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بصرى في أربعة آلاف فارس قال فسار على فنائها وكان على بصرى بطريق عظيم الشان والقدر عند الملك وعند الروم اسمه روماس وكان قرأ الكتب السالفة والاخبار الماضية وكان يجتمع اليه الروم من أقصى بلادها ينظرون إلى عظيم خلقته ويسمعون ألفاظ حكمته وكانت آهلة بالخلق عامرة بالناس وكان فيها ألف فارس وكان العرب يقصدونا ببضائعهم وتجارتهم من أقصى اليمين وبلاد الحجاز فإذا كان في أيام الموسم ينصب لبطريقهم كرسي ليجلس عليه ويجتمع الناس اليه ويستفيدون من علمه وحكمته فبينما هم قد اجتمعوا اليه وقعت الضجة بقدوم شرحبيل بن حسنة وعسكره فبادر إلى جواده
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»