فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٠٦
الروم قال عامر بن سراقة فما شبهت حملته الا حملة الأسد في الغنم ففرقهم يمينا وشمالا قال فثبت المسلمون وكل علج من الروم شديد يمانع عن نفسه وخالد يطلب ان يصل إلى عبد الله بن جعفر ولما نظر المسلمون إلى الخيل المقبلة عليها ولم يعلموا ما هي حتى سمعوا صوت خالد بن الوليد رضي الله عنه فقال يا أيها الناس دونكم الأعداء فقد جاءكم النصر من رب السماء ثم حمل المسلمون معه قال وائلة بن الأسقع لقد كنا ايسنا من أنفسنا وأيقنا بالهلاك حتى اتتنا المعونة من الله عز وجل فحملنا بحملة اخواننا قال فما اختلط الظلام حتى نظرت إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه والراية بيده وهو يسوق المشركين بين يديه سوق الغنم إلى المراعي والمسلمون يقتلون يأسرون فلله در أبي ذر الغفاري وضرار بن الأزور والمسيب بن نجية الفزاري لقد قرنوا المواكب وهزوا المضارب وقتلوا الروم من كل جانب والتقى ضرار بعبد الله بن جعفر رضي الله عنه فنظر اليه والدم على اكمام درعه كأكباد الإبل فقال شكر الله تعالى لك يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم والله انك لقد اخذت بثأر أبيك وشفيت غليلك فقال عبد الله بن جعفر رضي الله عنه من الرجل المخاطب لي وكان الظلام قد اعتكر وضرار ملثم لا يبين منه الا الحدق فلم يعرفه عبد الله فقال انا ضرار بن الأزور صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرحبا بطلعتك وبأخ منا عدل لنا وقام لنصرتنا معركة ضرار قال عبد الله بن أنيس فبينما هم على ذلك إذ اقبل خالد بن الوليد رضي الله عنه وجيش الزحف فقال شكر لك الله وأحسن جزاءك ثم قال عبد الله يا ضرار اعلم أن حامية الروم والبطارقة عند الدير لأجل ابنه صاحب طرابلس وما معها من الأموال وقد أحاط بها كل فارس من الروم فهل لك يا ابن الأزور ان تحمل معي فقال وأين هم فقال اما تنظر إليهم فمد عينه وإذا بحامية الروم وبطريق طرابلس وقد احدقوا بالدير يمنعون عن الجارية والنيران مشتعلة والصلبان تلمع كضوء النار وكأنهم سد من حديد فقال أرشدك الله للخيرات فنعم المرشد أنت احمل حتى احمل معك بحملتك قال فحمل عبد الله بن جعفر من جهته وحمل ضرار بن الأزور من جهته واتبعتهما الرجال وزعقوا في الروم وحماة المشركين وهم يمانعون عن أنفسهم وكان أشدهم منعة بطريقهم فبرز امام القوم وهو يهدر كالبعير ويزأر زئير الأسد يصيح بكلمة الكفر ويحمل حملات الشجعان فقصده ضرار بن الأزور وباطشه في الضرب والتقت الاقران ونظر ضرار إلى العلج وعظم خلقته وتمكنه في
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»