فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٠٧
سرجه وشدة ضربه وحسن احترازه فاخذ ضرار منه حذره واحترز منه البطريق وطلبه أشد الطلب وكل واحد منهما طامع في صاحبه فانفرد ضرار بن الأزور مع صاحب القوم وكل قرن مع قرنه وليس مع ضرار أحد المسلمين فانبسط ضرار بين أيديهم ليمكر بهم وطلبه البطريق وأصحابه وقصدوه بحملتهم فلما نظر ضرار إلى ذلك قصد موضعا يصلح لمجال الخيل فاعترضه واحد من ظلمة الليل فكبابه الجواد فسقط الأرض هاويا ثم ثار من سقطته يروم اخذ الفرس فلم يجد إلى ذلك سبيلا فوقف مكانه وسيفه وجحفته بيده وجعل يجاهدهم بسيفه وصبر لهم صبر الكرام ولم يأخذه في الله لومة لائم فخفق عليه بطريق الروم واقبل يضرب بعموده فلما لازمه ورمى العمود عليه زاغ ضرار عن الضربة ثم وثب اليه وثبة الأسد وضربه ضربة ازعجت فرس البطريق من تحته وقام على رجليه وشك بيديه وضربه الثانية فوقعت ضربة ضرار في عين جواده فانتكس الجواد إلى الأرض ووقع العلج على ظهره ولم يقدر ان يقوم لأنه مزرد في سرجه فعالجه ضرار قبل وصول غلمانه اليه وضربه على حبل عانقه فنبا سيفه ولم يعمل شيئا فناهضه المعلج وقد ايكن بالهلاك وقبض عليه وكان الجبل العظيم فرماه ضرار تحته وملك صدره واستوى على نحره وكان مع ضرار سكين من صنعة اليمن لا تفارقه فاستلها من غمدها وضرب صدر عدو الله إلى سرته فسقط عدو الله قتيلا وعجل الله روحه إلى النار وبئس القرار ثم وثب ضرار وملك جواد عدو الله واستوى في سرجه وكان على الجواد كثيرا من الذهب والفضة والفصوص التي تساوي ثمنا كثيرا فلما صار على ظهر الجواد حمل وكبر على المشركين ففرقهم يمينا وشمالا وكان ضرار لما انبسط امام القوم ملك عبد الله بن جعفر الدير ومن فيه ومن معه من المسلمين واحدقوا به ولم يأخذوا منه شيئا حتى رجع خالد رضي الله عنه من اتباع الروم وذلك أن خالدا اتبعهم إلى نهر عظيم كان بينهم وبين طرابلس الشام والروم يعرفون مخاوضه فوقف خالد ورجع إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهم قد ملكوا الدير وقتلوا العلج وانتشرت الناس في جمع الغنائم وما كان في السوق والفراش والقماش والثياب والطعام وغيره قال وائلة بن الأسقع فجعلنا نجمعه ونأكل الخيرات واخرجوا ما كان في الدير من انية الذهب والفضة والستور والمراتب واخرجوا ابنة البطريق ومعها أربعون جارية لهن حلي وحلل والمال على البراذين والبغال والحمير فانقلب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنيمة والأموال الجسيمة قال الواقدي فنسبت تلك السرية لثلاث عبد الله بن جعفر صاحبها
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»