فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٠٠
على صومعة راهب وعليه برنس اسود فجعل يتأملنا وينظر في وجوهنا فتفقدنا واحدا بعد واحد ثم جعل يطيل النظر في وجه عبد الله ثم قال أهذا الفتى ابن نبيكم فقلنا لا قال إن نور النبوة يلوح بين عينيه فهل يلحق به فقلنا هو ابن عمه فقال الراهب هو من الورقة والورقة من الشجرة فقال عبد الله أيها الراهب وهل تعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وكيف لا أعرفه واسمه وصفته في التوراة والإنجيل والزبور وانه صاحب الجمل الأحمر والسيف المشهر فقال عبد الله فلم لا تؤمن به وتصدقه فرفع يده إلى السماء وقال حتى يشاء صاحب هذه الخضراء فأعجبنا كلامه وسرنا والدليل بين أيدينا إذ أتى بنا إلى واد كثير الشجر والماء أمرنا ان نكمن فيه ثم قال لعبد الله بن جعفر اني ذاهب أجس لكم الخبر فقال له عبد الله أسرع في مسيرك وعد الينا بالخبر قال فانطلق مسرعا وأقام عبد الله بن جعفر يحرس المسلمين بنفسه إلى الصباح قال فلما أصبحنا صلينا صلاة الصبح وجلسنا ننتظر رجوع الرسول فلم يأت وأبطأ خبره علينا فقلق المسلمون عليه لاحتباسه وخافوا من المكيدة ووسوس لهم الشيطان وساءت بالدليل الظنون فما من المسلمين الا من ظن بالمعاهد شرا الا أبا ذر الغفاري رضي الله عنه فإنه قال ظنوا بصاحبكم خيرا ولا تخافوا منه كيدا ولا مكرا ان له شأنا تعلمونه قال فسكت الناس بعد ذلك وإذا بصاحبهم قد اقبل قال وائلة بن الأسقع فلما رأيناه فرحنا به وظننا أنه يأمر بالنهوض إلى العدو فاقبل حتى وقف وسط المسلمين وقال يا أصحاب محمد وحق المسيح ابن مريم أني لا أكذبكم فيما أحدثكم به واني رجوت لكم الغنيمة وقد حال بينكم وبينها ماء فقال له عبد الله رضي الله عنه وكيف حيل بينا وبينها قال حال بينكم وبينها بحر عجاج وذلك اني أشرفت على السوق وقد قام فيه البيع والشراء فاجتمع فيه أهل دين النصرانية وقد دار أكثرهم بالدير دير أبي القدس واجتمع اليه القسس والرهبان والملوك والبطارقة فلما نظرت إلى ذلك لم ارجع حتى اختبرت ما السبب الذي تجمعت له الخلق زيادة على كل سنة وذلك اني مضيت واختلطت بالقوم وإذا بصاحب طرابلس قد زوج ابنته ملكا من ملوك الروم وقد أتوا بالجارية إلى الدير ليأخذوا لها من راهبهم قربانا وقد دار بها فرسان الروم المنتصرة في عددهم وعديدهم كل ذلك خوفا منكم لأنهم يعلمون انكم بأرض الشام يا معاشر المسلمين وما أرى لكم صوابا ان تصلوا إلى القوم لأنهم خلق كثير وجم غفير وجمع غزير فقال عبد الله بن جعفر رضي الله عنه في
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»