سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٦٤
نحن في أيام الواثق، إذ جاء يعقوب ليلا برسالة الأمير إسحاق بن إبراهيم إلى أبي عبد الله: يقول لك الأمير: إن أمير المؤمنين قد ذكرك، فلا يجتمعن إليك أحد، ولا تساكني بأرض ولا مدينة أنا فيها، فاذهب حيث شئت من أرض الله. قال: فاختفى أبو عبد الله بقية حياة الواثق. وكانت تلك الفتنة، وقتل أحمد بن نصر الخزاعي (1). ولم يزل أبو عبد الله مختفيا في البيت لا يخرج إلى صلاة ولا إلى غيرها حتى هلك الواثق.
وعن إبراهيم بن هانئ، قال: اختفى أبو عبد الله عندي ثلاثا، ثم قال: اطلب لي موضعا، قلت: لا آمن عليك، قال: افعل، فإذا فعلت، أفدتك. فطلبت له موضعا، فلما خرج، قال: اختفى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الغار ثلاثة أيام ثم تحول (2).
العجب من أبي القاسم علي بن الحسن الحافظ (3)، كيف ذكر ترجمة أحمد مطولة كعوائده، ولكن ما أورد من أمر المحنة كلمة مع صحة أسانيدها، (4)، فإن حنبلا ألفها في جزءين. وكذلك صالح بن أحمد وجماعة.
قال أبو الحسين بن المنادي، حدثني جدي أبو جعفر، قال: لقيت أبا

(1) وتمام الخبر في " تاريخ الاسلام " ص: 105: " فلم يزل أبو عبد الله مختفيا في غير منزله في القرب، ثم عاد إلى منزله بعد أشهر أو سنة لما طفئ خبره، ولم يزل... ".
(2) زاد ابن الجوزي في " مناقب الإمام أحمد " ص: 430 بقية كلام الإمام أحمد:
" وليس ينبغي أن تتبع سنة رسول الله في الرخاء، وتترك في الشدة ". وهي حكمة بالغة من الامام، ليت الناس فهموها وعملوا بها.
(3) يريد الحافظ ابن عساكر، مؤلف " تاريخ دمشق ".
(4) وتمامه في " تاريخ الاسلام ": " ولعل له نية في تركها ". وانظر سبب ترك الواثق للمحنة في " مناقب الإمام أحمد " لابن الجوزي، ص: 431، 437، وابن كثير 10 / 321.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»