قال حنبل: لما أردنا علاجه، خفنا أن يدس ابن أبي دواد إلى المعالج، فيلقي في دوائه سما. فعملنا الدواء والمرهم عندنا، فكان في برنية (1) فإذا داواه، رفعناها. قال: وكان إذا أصابه البرد، ضرب عليه.
وقال: لقد ظننت أني أعطيت المجهود من نفسي.
محنة الواثق قال حنبل: لم يزل أبو عبد الله بعد أن برئ من الضرب (2) يحضر الجمعة والجماعة، ويحدث ويفتي، حتى مات المعتصم، وولي ابنه الواثق، فأظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى أحمد بن أبي دواد وأصحابه.
فلما اشتد الامر على أهل بغداد، وأظهرت القضاة المحنة بخلق القرآن، وفرق بين فضل الأنماطي وبين (3) امرأته، وبين أبي صالح وبين (3) امرأته، كان أبو عبد الله يشهد الجمعة، ويعيد الصلاة إذا رجع، ويقول: تؤتى الجمعة لفضلها، والصلاة تعاد خلف من قال بهذه المقالة.
وجاء نفر إلى أبي عبد الله، وقالوا: هذا الامر قد فشا وتفاقم، ونحن نخافه على أكثر من هذا، وذكروا ابن أبي دواد، وأنه على أن يأمر المعلمين بتعليم الصبيان في المكاتب (4): القرآن كذا وكذا (5)، فنحن لا نرضى بإمارته. فمنعهم من ذلك، وناظرهم.
وحكى أحمد (6) قصده في مناظرتهم، وأمرهم بالصبر. قال: فبينا