وإذا به قاعد في إزار، ومظفر بن الكلبي صاحب الخبر، وجماعة معهم، فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل: ورد على أمير المؤمنين أن عندكم علويا ربصته لتبايع له، وتظهره، في كلام طويل. ثم قال (له) مظفر: ما تقول؟
قال: ما أعرف من هذا شيئا، وإني لارى له السمع والطاعة في عسري ويسري، ومنشطي ومكرهي، وأثرة علي، وإني لأدعو الله له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار، في كلام كثير. فقال مظفر: قد أمرني أمير المؤمنين أن أحلفك، قال: فأحلفه بالطلاق ثلاثا، أن ما عنده طلبة أمير المؤمنين. ثم فتشوا منزل أبي عبد الله والسرب والغرف والسطوح، وفتشوا تابوت الكتب، وفتشوا النساء والمنازل، فلم يروا شيئا، ولم يحسوا بشئ، ورد الله الذين كفروا بغيظهم، وكتب بذلك إلى المتوكل، فوقع منه موقعا حسنا، وعلم أن أبا عبد الله مكذوب عليه. وكان الذي دس عليه رجل من أهل البدع. ولم يمت حتى بين الله أمره للمسلمين، وهو ابن الثلجي (1).
فلما كان بعد أيام بينا نحن جلوس بباب الدار، إذا يعقوب أحد حجاب المتوكل قد جاء، فاستأذن على أبي عبد الله، فدخل، ودخل أبي وأنا، ومع بعض غلمانه بدرة (2) على بغل، ومعه كتاب المتوكل. فقرأه على أبي عبد الله: إنه صح عند أمير المؤمنين براءة ساحتك، وقد وجه إليك بهذا المال