سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٦١
ونزع ما كان خلع عليه، فأمر به فبيع وتصدق بثمنه.
وكان المعتصم أمر إسحاق بن إبراهيم أن لا يقطع عنه خبره. وذلك أنه ترك فيما حكي لنا عند الأياس منه.
وبلغنا أن المعتصم ندم، وأسقط في يده، حتى صلح، فكان صاحب خبر إسحاق بن إبراهيم يأتينا كل يوم يتعرف خبره، حتى صح، وبقيت إبهاماه منخلعتين يضربان عليه في البرد، فيسخن له الماء، ولما أردنا علاجه، خفنا أن يدس أحمد بن أبي دواد سما إلى المعالج، فعملنا الدواء والمرهم في منزلنا.
وسمعته يقول: كل من ذكرني ففي حل إلا مبتدعا، وقد جعلت أبا إسحاق - يعني: المعتصم - في حل، ورأيت الله يقول: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم) (النور: 22) وأمر النبي، صلى الله عليه وسلم، أبا بكر بالعفو في قصة مسطح. (1) قال أبو عبد الله: وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سببك؟!!
قال حنبل: قال أبو عبد الله: قال برغوث - يعني: يوم المحنة -: يا

(1) هو مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي، ابن خالة أبي بكر الصديق. شهد بدرا، وكان ممن خاض في الإفك على عائشة، رضي الله عنها، فجلده النبي، صلى الله عليه وسلم، فيمن جلد في ذلك. وكان أبو بكر، رضي الله عنه، ينفق عليه، فأقسم ألا ينفق عليه، فأنزل الله تعالى: (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى المساكين والمهاجرين في سبيل الله، وليعفوا وليصفحوا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم، والله غفور رحيم). عند ذلك قال الصديق: بلى، والله. إنا نحب أن تغفر لنا، يا ربنا. ثم رجع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا. رضي الله عنك يا أبا بكر، ما كان أسرعك لتلبية نداء الله، وتصديق رسول الله، صلى الله عليه وسلم. انظر " تفسير الطبري " 18 / 101، 103 وابن كثير 3 / 275، 276.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»