سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٦٦
قال صالح بن أحمد: قال أبي: قال لي إسحاق بن إبراهيم: اجعلني في حل من حضوري ضربك، فقلت: قد جعلت كل من حضرني في حل.
وقال لي: من أين قلت: إنه غير مخلوق؟ فقلت: قال الله: (ألا له الخلق والامر) (الأعراف: 54)، ففرق بين الخلق والامر. فقال إسحاق: الامر مخلوق. فقال: يا سبحان الله! أمخلوق يخلق خلقا؟! قلت يعني: إنما خلق الكائنات بأمره، وهو قوله: (كن) (الانعام: 73) قال: ثم قال لي: عمن تحكي أنه ليس بمخلوق؟ قلت: عن جعفر بن محمد، قال:
ليس بخالق ولا مخلوق.
قال حنبل: ولم يكن عند أبي عبد الله ما يتحمل به (1) أو ينفقه، وكانت عندي مئة درهم، فأتيت بها أبي، فذهب بها إليه، فأصلح بها ما احتاج إليه، واكترى وخرج، ولم يمض إلى محمد بن إسحاق بن إبراهيم (2)، ولا سلم عليه. فكتب بذلك محمد، إلى أبيه، فحقدها إسحاق عليه. وقال: يا أمير المؤمنين! إن أحمد خرج من بغداد، ولم يأت مولاك محمدا. فقال المتوكل: يرد ولو وطئ بساطي - وكان أحمد قد بلغ بصرى (3) - فرد، فرجع وامتنع من الحديث إلا لولده ولنا، وربما قرأ علينا في منزلنا.
ثم إن رافعا رفع إلى المتوكل: إن أحمد ربص علويا في منزله، يريد أن يخرجه ويبايع عليه. قال: ولم يكن عندنا علم، فبينا نحن ذات ليلة نيام في الصيف، سمعنا الجلبة، ورأينا النيران في دار أبي عبد الله، فأسرعنا،

(1) في " تاريخ الاسلام ": " ما يتجمل " بالجيم المعجمة.
(2) في " تاريخ الاسلام ": " ولم يلق محمد بن إسحاق بن إبراهيم ".
(3) بصرى المشهورة بالشام، وهذه بصرى أخرى، من قرى بغداد، قرب عكبرا. انظر " معجم البلدان ".
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»