سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٦٨
تستعين به. فأبى أن يقبله، وقال: ما لي إليه حاجة. فقال: يا أبا عبد الله، اقبل من أمير المؤمنين ما أمرك به، فإنه خير لك عنده، فإنك إن رددته، خفت أن يظن بك سوءا. فحينئذ قبلها. فلما خرج، قال: يا أبا علي، قلت:
لبيك، قال: ارفع هذه الانجانة (1) وضعها، يعني: البدرة، تحتها. ففعلت وخرجنا. فلما كان من الليل، إذا أم ولد أبي عبد الله تدق علينا الحائط، فقالت: مولاي يدعو عمه، فأعلمت أبي، وخرجنا، فدخلنا على أبي عبد الله، وذلك في جوف الليل، فقال: يا عم، ما أخذني النوم، قال: ولم؟
قال: لهذا المال، وجعل يتوجع لاخذه، وأبي يسكنه ويسهل عليه. وقال:
حتى تصبح وترى فيه رأيك. فإن هذا ليل، والناس في المنازل، (فأمسك) وخرجنا. فلما كان من السحر، وجه إلى عبدوس بن مالك، وإلى الحسن ابن البزار (فحضرا) (2) وحضر جماعة، منهم: هارون الحمال، وأحمد بن منيع، وابن الدورقي، وأبي، وأنا، وصالح، وعبد الله. وجعلنا نكتب من يذكرونه من أهل الستر والصلاح ببغداد والكوفة. فوجه منها إلى أبي كريب، وللأشج وإلى من يعلمون حاجته. ففرقها كلها ما بين الخمسين إلى المئة وإلى المئتين، فما بقي في الكيس درهم (3).
فلما كان بعد ذلك، مات الأمير إسحاق بن إبراهيم وابنه محمد. ثم ولي بغداد عبد الله بن إسحاق، فجاء رسوله إلي أبي عبد الله، فذهب إليه، فقرأ عليه كتاب المتوكل، وقال له: يأمرك بالخروج يعني: إلى سامراء.

(1) في " تاريخ الاسلام ": " الإبجانة "، بالياء. وجاء في معجم " المغرب في ترتيب المعرب " لناصر بن عبد السيد المطرزي: الإجانة: " المركن، وهو شبه لقن يغسل فيه الثياب، والجمع: أجاجين، والإنجانة عامية. اللوحة 4 / 1 " الظاهرية ".
(2) ما بين حاصرتين من " تاريخ الاسلام ".
(3) وتمامه كما في " تاريخ الاسلام ": " ثم تصدق بالكيس على مسكين ".
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»