سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٦٢
أمير المؤمنين هو كافر حلال الدم، اضرب عنقه، ودمه في عنقي. وقال شعيب كذلك أيضا تقلد دمي، فلم يلتفت أبو إسحاق إليهما. وقال أبو عبد الله: لم يكن في القوم أشد تكفيرا لي منهما، وأما ابن سماعة، فقال: يا أمير المؤمنين، إنه من أهل بيت شرف ولهم قدم، ولعله يصير إلى الذي عليه أمير المؤمنين، فكأنه رق عندها، وكان إذا كلمني ابن أبي دواد، لم ألتفت إلى كلامه، وإذا كلمني أبو إسحاق، ألنت له القول. قال: فقال في اليوم الثالث: أجبني يا أحمد، فإنه بلغني أنك تحب الرئاسة، وذلك لما أوغروا قلبه علي، وجعل برغوث يقول: قال الجبري: كذا وكذا، كلام هو الكفر بالله. فجعلت أقول: ما أدري ما هذا، إلا أني أعلم أنه أحد صمد لاشبه له ولاعدل، وهو كما وصف نفسه، فسكت.
وقال لي أبو إسحاق: يا أحمد، إني لأشفق عليك كشفقتي على ابني هارون، فأجبني، والله لوددت أني لم أكن عرفتك يا أحمد، الله الله في دمك.
فلما كان في آخر ذلك، قال: لعنك الله، لقد طمعت أن تجيبني، ثم قال: خذوه واسحبوه. فأخذت ثم خلعت، وجئ بعقابين وأسياط، وكان معي شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صيرت بين العقابين، فقلت: يا أمير المؤمنين، الله الله، إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: " لا يحل دم امرئ يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث " يا أمير المؤمنين، فيم تستحل دمي؟ الله الله، لا تلق الله وبيني وبينك مطالبة. أذكر يا أمير المؤمنين وقوفك بين يدي الله تعالى كوقوفي بين يديك، وراقب الله. فكأنه أمسك، فخاف ابن أبي دواد أن يكون منه عطف أو رأفة، فقال: إنه كافر بالله ضال مضل.
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»