فقال إن الله عز وجل أحلك أيها الملك محلا رفيعا شامخا باذخا منيعا وأنبتك نباتا حسنا (1) طابت أرومته وعظمته جرثومته وثبت أصله وبسق فرعه في أطيب موضع وأكرم معدن وأنت أبيت اللعن ملك العرب الذي له تنقاد وعمودها الذي عليه العماد ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد سلفك خير سلف وأنت لنا منهم خير خلف فلن يهلك ذكر من أنت خلفه ولن تخمد (2) ذكر من أنت سلفه نحن أهل حرم الله تعالى وسدنة بيته أشخصنا إليك الذي ابتهجنا (3) من كشفك الكرب الذي فدحنا نحن وفد التهنئة لا وفد التعزية (4) قال الملك من أنت أيها المتكلم قال أنا عبد المطلب بن هاشم قال ابن أختنا قال نعم قال ادنه ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال مرحبا وأهلا فأرسلها (5) مثلا وكان أول من تكلم بها وناقة ورحلا (6) ومستناخا سهلا وملكا ربحلا (7) يعطي عطاء جزلا قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم وقبل وسيلتكم فإنكم أهل الليل والنهار ولكم الكرامة ما أقمتم والحباء (8) إذا ظعنتم ثم أنهضوا إلى دار الضيافة والوفود وأجرى عليهم الإنزال وأقاموا بذلك شهرا لا يصلون إليه ولا يؤذن لهم في الانصراف ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب فأدناه ثم قال له يا عبد المطلب إني مفض إليك سر علمي أمرا لو غيرك يكون لم أبح له به ولكن رأيتك معدنه فأطلعتك طلعه فليكن عندك مخبيا حتى يأذن الله تعالى فيه إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي ادخرناه لأنفسنا واحتجبناه من دون غيرنا (9) خبرا عظيما وخطرا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة العلم
(٤٤٧)