لان سياق كلامه من حيث الظاهر أمان، ولكنه محتمل لما أراد. إلا أن ذلك في ضميره فلا يقف عليه غيره. فأما الأمير والناس يتتبعون الظاهر فلا يمكنونه من قتله بعد ما آمنه. وفيما بينه وبين ربه هو في سعة من قتله، لان الله مطلع على ضميره.
771 - ولو كان قال له المسلم: الأمان الأمان تطلب؟ أو قال:
لا تعجل حتى تنظر ما تلقى. فهذا لا يكون أمانا. ولا بأس بقتله له ولغيره.
لان في سياق كلامه تنصيصا (1) على معنى التهديد، وسياق النظم دليل على ترك الحقيقة. ألا ترى إلى قوله تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
إنا أعتدنا للظالمين نارا) (2) أنه زجر وتوبيخ لا تخيير باعتبار سياق الكلام؟
وكذلك قوله تعالى (اعملوا ما شئتم. إنه بما تعملون بصير) (3) تهديد وليس بأمر.
وكذلك إذا قال الرجل لغيره: افعل في مالي ما شئت إن كنت رجلا، أو افعل بي ما شئت إن كنت صادقا، لا يكون إذنا بل يكون زجرا وتقريعا.
فكذلك هاهنا إذا قال المسلم: الأمان، ستعلم أؤمنك أو لا تعلم، أنه أراد رد كلامه.
772 - وإذا قال: الأمان وسكت. لا يعلم ما في ضميره. فجعل ذلك أمانا باعتبار الظاهر.
بمنزلة من يقول لغيره: افعل في مالي كذا وكذا، يكون إذنا، وإن قال: أردت به التهديد، لم يدن في القضاء.