773 - ولو أن المشرك نادى من الحصن قبل أن يظفر به: الأمان الأمان. فقال له المسلم: الأمان الأمان. فرمى بنفسه إلى المسلمين.
فقال الذي آمنه: إنما أردت التهديد، لا يلتفت إلى كلامه، وخلى سبيله.، سواء كان الأمير قال له ذلك أو غيره.
لان ما في ضميره لا يعرفه المشرك. فلو اعتبر ذلك أدى إلى الغرور وهذا حرام، وبهذا فارق الأسير لأنه صار مقهورا مأخوذا. فلا يتحقق معنى الغرور بينه وبين المسلم فيعتبر ما في ضميره في حقه خاصة.
774 - ولو كان المسلم قال للمحصور: الأمان الأمان، ما أبعدك عن ذلك! أو انزل إن كنت رجلا. فأسمعه الكلام كله بلسانه، فرمى المشرك بنفسه، فهو فئ يجوز قتله.
لأنه لم يغره في شئ، فقد أسمعه ما هدده به، وبين له أن كلامه تهديد وليس بإعطاء الأمان. ألا ترى أن الرجل يقول لآخر: لي عليكم ألف درهم. فيقول الآخر: لك على ألف درهم؟ ما أبعدك من ذلك! فإنه لا يكون كلامه إقرارا لهذا المعنى. فأما إذا أسمعه ذكر الأمان ولم يسمعه ما وصل به فهو آمن، لا يعتبر في حقه ما أسمعه دون ما لم يسمعه. وما لم يسمعه هو بمنزلة ما في ضميره لو اعتبر أدى إلى الغرور، والغرور حرام والله أعلم.
(ص 170).