1050 - ولو أن السرية جاءت بغنائم فيها طعام وعلف فلأهل العسكر أن يأكلوا ذلك بقدر حاجتهم لانهم شركاء للسرية فيها بسهامهم.
فكما أن لكل واحد من أهل السرية أن يتناول فيها مقدار حاجته فكذلك لأهل العسكر أن يتناولوا.
لان الشركة تقتضي المساواة.
فان قيل: فأين ذهب قولكم ان المنفل بمنزلة الغنائم المحرزة. فان بعد الاحراز بالدار ليس لواحد من الغانمين أن يتناول من الطعام والعلف من غير ضرورة ولا ضمان. فكان ينبغي أن يكون الجواب في المنفل قبل الاحراز كذلك.
قلنا: إنما افترقا في هذا الحكم، لان إباحة التناول من الطعام والعلف قبل الاحراز، باعتبار أنه يصير مستثنى من شركة الغنيمة لضرورة الحاجة لكل واحد منهم إلى ذلك، فإنهم لا يقدرون على أن يستصحبوا من دار الاسلام ما يحتاجون إليه من الطعام والعلف للذهاب والرجوع، ولا يجدون ذلك في دار الحرب شراء. وما يأخذونه يكون غنيمة. وهذه الضرورة لا تتحقق في دار الاسلام. فإذا صار مستثنى من الشركة باعتبار هذه الضرورة بقى على أصل الإباحة، بمنزلة شراء كل واحد من المتفاوضين الطعام والكسوة لنفسه وعياله، فإنه يصير مستثنى من موجب المفاوضة لضرورة الحاجة إليه. ثم هذه الضرورة تتحقق في الغنائم التي فيها نفل في دار الحرب كما تتحقق في الغنائم التي لا نفل فيها فيصير (ص 217) مستثنى من حكم النفل أيضا.
ولهذا جاز لأصحاب السرية التناول منها، فكذلك لغيرهم.
فان قيل: لا كذلك، فإنهم إذا قسموا في دار الحرب أو في دار الاسلام أعطوهم (1) النفل من الطعام والعلف كما أعطوهم من سائر الأموال، ولو صار هذا مستثنى من التنفيل لما استحق النفل منه.