تقريره: هو أن دار الحرب دار سبى واسترقاق. فإذا عرفت لحاقها فإنما أصابها من موضع الاسترقاق، فتكون أمة له، ما لم يظهر المانع وهو إسلامها عند الاخذ.
فأما دار الاسلام فليس بدار استرقاق بل دار حرية متأكدة، فلا تبطل بمجرد قولها إذ لم يعلم صدقها في ذلك. والذمية في هذا كالمسلمة. فأما الحر الذمي إذا قال ذلك ولم يعرف صدقه ولحوقه بدار الحرب ناقضا للعهد فعلى قول أبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى هو والمرأة في ذلك سواء. لان عندهما معنى حق الله تعالى هو المعتبر في حرية الرجل كما في حرية المرأة، ولهذا قبلا الشهادة فيه من غير دعوى. وفى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى هو عبد سواء عرف لحاقه أو لم يعرف. لان معنى حقه هو المعتبر في حريته عنده، ولهذا تقبل الشهادة على عتق العبد من غير دعوى. ولان معنى الميل إلى الهوى منعدم في حق الرجل، وليس في هذا الاقرار معنى حل الفرج بالملك بخلاف إقرار المرأة.
931 - ولو خرج مسلم من دار الحرب ومعه حربي: رجل أو امرأة. فقال: أمنته بالعربية وأخرجته. وقال الحربي: أبطل، ولكنه آمنني بالفارسية، وثبتا على الاختلاف فهو آمن.
لأنهما اتفقا على السبب والحكم (1)، وإن اختلفا في العبارة، ولا معتبر بهذا الاختلاف، خصوصا في الأمان. فقد ثبت من غير عبارة. وإذا كان الاختلاف، في العبارة لا يمنع قبول الشهادة فكيف يمنع ثبوت الأمان؟
932 - وكذلك لو اختلفا في الوقت الذي آمنه فيه، أو في المكان، أو في الكتاب والرسالة، والأمان باللسان.