شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٥٨١
عبارته كعبارة الأمير، لأنه لم يرسله، ولا يمكن تصحيح الأمان لهم من جهته، لأنه لو قال آمنتكم لا يصح، فينبغي أن يكون أمانه باطلا.
قلنا: نعم. ولكن حين أخرج الكلام مخرج الرسالة فقد تحقق معنى الغرور، إذ لا طريق لهم إلى الوقوف على حقيقة كلامه أنه صادق في ذلك أو (1) كاذب. وإذا كان (2) عقله ودينه يدعوه إلى الصدق ويمنعه من الكذب وسعهم أن يعتمدوا على هذا الظاهر، فلو لم يصحح (3) الأمان أدى إلى الغرور، بخلاف ما إذا أضاف الأمان إلى نفسه.
955 - فإن كان الأمير قال لهم: لا أمان لكم إن آمنكم مسلم وأتاكم برسالة منى، حتى آتيكم أنا فأؤمنكم بنفسي. والمسألة بحالها فهم فئ.
لان هذا بمنزلة النبذ لكل أمان إليهم إلا أمانا يسمعونه من لسانه. ولان دفع الضرر عن المسلمين واجب، ولا طريق للأمير في دفع الضرر عنهم إلا ما فعله من التقدمة (4) إليهم، فلو لم يصحح ذلك (5) أدى إلى أن يتمكن الفاسق من إفساد (6) الجهاد على المسلمين، وذلك لا يجوز. إلا أن في هذا الفصل إن كان الأمير هو الذي أرسل إليهم ليبلغهم الأمان ففعل فهم آمنون.
لان عبارة الرسول كعبارة المرسل، فكأنه آمنهم بنفسه، وهو بما تقدم إليهم قصد أن يمنعهم من الاعتماد على خبر من يزعم أنه رسول، كاذبا (7)، ولا يمنعهم من الاعتماد على خبر من يرسله إليهم حقيقة، ولأنه إنما أبطلنا الخبر إذا كان

(1) ق " أم " (2) ق هامش " وإنما عقله.. " وفى هامشها " وإذا كان عقله. نسخة ميرزا زاده ".
(3) ق " يصح ".
(4) ه‍ " التقديم "، ق " التقدم " وفى هامشها " التقدمة. نسخة ".
(5) في ه‍ وحدها " يصحح ذلك الفعل.. ".
(6) ه‍ " فساد ".
(7) ب " كاذب ".
(٥٨١)
مفاتيح البحث: الصدق (1)، الضرر (2)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 ... » »»