شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٥١٦
لان الظاهر أنهما يدلان العدو على ما رأيا من العورة. فان اعتقادهما يحملهما على ذلك. وأيد هذا الظاهر قوله تعالى (لا يألونكم خبالا) (1).
799 - وإن قالا: نحلف أن لا نخبر بشئ من ذلك. لم يصدقهما في ذلك.
لان اليمين إنما تكون حجة لمن شهد الظاهر له. والظاهر هنا يشهد بخلاف ما يقولان. فلا يلتفت إلى يمينهما. وأيد هذا قوله تعالى (إنهم لا أيمان لهم) (2) أي لا أيمان يجوز الاعتماد عليها فيما يرجع إلى الاضرار (3) بالمسلمين. وهذه اليمين بهذه الصفة فلا يجوز للامام أن يعتمدها، ولكنه يحبسهما عنده حتى يأمن.
إلا أنه لا ينبغي له أن يقيدهما ولا أن يغلهما.
لان فيه تعذيبا لهما، وهما في أمان منه، فلا يكون له أن يعذبهما ما لم يتحقق منهما خيانة.
فان قيل: ففي الحبس (ص 173) تعذيب أيضا.
قلنا: لا نعنى بقولنا يحبسهما الحبس في السجن. فان ذلك تعذيب.
وإنما نعنى به أنه يمنعهما من الرجوع ويجعل معهما حرسا يحرسونهما. وليس في هذا القدر تعذيب لهما بل فيه نظر للمسلمين. ولئن كان فيه نوع تعذيب من حيث الحيلولة بينهما وبين وطنهما فالمقصود دفع ضرر هو أعظم من ذلك.
وإذا لم نجد بدا من إيصال الضرر إلى بعض الناس، ترجح أهون الضررين على أعظمهما.
ثم هذا المقصود يحصل بحرس يجعله معهما. فليس له أن يعذبهما فوق ذلك بالتقييد.

(1) سورة آل عمران، 3، الآية 118.
(2) سورة التوبة، 9، الآية 12.
(3) ب " الضرر ".
(٥١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 ... » »»