شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٩٢
لان بر الوالدين وترك ما يلحق الضرر والمشقة بهما فرض عليه عينا، والجهاد فرض على الكفاية.
إذا لم يقع النفير عاما.
فعليه أن يقدم الأقوى. وفى خروجه إلحاق الضرر والمشقة بهما. فإن المجاهد على خطر (1) في التمكن من الرجوع.
217 - فإن أذنا له فليخرج. وإن أذن له أحدهما ولم يأذن له الآخر فليس ينبغي له أن يخرج مراعاة لحق (2) الذي يأبى منهما.
وكذلك إن أبيا جميعا.
والأصل فيه ما روى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني جئت أجاهد معك، وتركت والذي يبكيان. فقال: " اذهب فأضحكهما كما أبكيتهما ".
وأفضل الجهاد ما كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم أمره بالرجوع لكراهة الوالدين لخروجه.
ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال قال:
" الصلاة لوقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله ".
فهذا تنصيص على تقديم بر الوالدين على الجهاد. والوالدان في سعة من أن لا يأذن له إذا كان يدخلهما من ذلك مشقة شديدة، لأنهما يحملانه على ما هو الأقوى في حقه وهو برهما.
وبهذا تبين أن لا يسعه الخرج بغير إذنهما، لأنه لو كان يسعه ذلك لكانا يأثمان في منعه، ولو كان يأثمان في منعه لكان هو في سعة من الخروج حتى يبطل عنهما الاثم.

(1) ه‍ " خطرة ".
(2) ه‍ " مراعاة في حق ".
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»