شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٩١
قوة أنفسهم بالموادعة إلى أن يظهر لهم قوة كسر شوكتهم، فحينئذ ينبذون إليهم ويقاتلون، وهو بمنزلة إنظار المعسر إلى الميسرة كما قال الله تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} (1).
214 - وكذلك لو قالوا للمسلمين: وادعونا على أن نعطيكم في كل سنة مالا معلوما على أن تجروا علينا أحكامكم، فليس ينبغي الموادعة على ذلك لانهم لا يلتزمون شيئا من أحكامنا، وإنما ينتهى القتال بعقد الذمة لما فيه من التزام أحكام الاسلام فيما يرجع إلى المعاملات، والرضا منهم بالمقام في دار الاسلام مقهورين.
ولما فيه ترك المحاربة أصلا، ولا يوجد ذلك فيما طلبوا، ولأنهم لو أجيبوا إلى ذلك ربما يظنون أنا إنما نقاتلهم طمعا في أموالهم، بل لا يشكون في ذلك، ولا يحل للمسلمين أن يقصدوا ذلك أو يظهروه من أنفسهم.
215 - إلا أن يكون لهم شوكة شديدة فحينئذ تجوز الموادعة معهم بغير مال يؤخذ منهم. فلان يجوز بمال يؤخذ منهم كان أولى.
وهذا المال لا يؤخذ عوضا عن ترك القتال، وإنما يؤخذ لان مالهم (2) مباح لنا.
فباعتبار تلك الإباحة يؤخذ هذا المال منهم.
216 - قال: فإذا أراد الخروج إلى الجهاد وله أبوان فليس ينبغي له أن يخرج حتى يستأذنهما.

(1) سورة البقرة، 2، الآية 280.
(2) ه‍ " أموالهم ".
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»