فضلي فعدوه، أو راج لإحساني فبشروه، أو حسن الظن بي فباسطوه، أو محب لي فواصلوه، أو معظم لقدري فعظموه، أو مستوصف نحوي فأرشدوه، أو مسيء بعد إحساني فعاتبوه، أو ناس لاحساني فذكروه، وإن استغاث بكم ملهوف فأغيثوه، ومن وصلكم في فواصلوه، فإن غاب عنكم فافتقدوه، وإن ألزمكم جناية فاحتملوه، وإن قصر في واجب حق فاتركوه، وإن أخطأ خطيئة فانصحوه، وإن مرض فعودوه، وإن وهبت لكم هبة فشاطروه وان رزقتكم فآثروه، يا أوليائي لكم عاتبت، ولكم خاطبت، وإياكم رغبت ومنكم الوفا طلبت، لأنكم الأثرة آثرت وانتخبت، وإياكم استخدمت واصطنعت واختصصت. لا أريد استخدام الجبارين. ولا مطاوعة الشرهين.
جزائي لكم أفضل الجزاء، وعطائي لكم أوفر العطاء، وبذلي لكم أغلى البذل. وفضلي عليكم أكبر الفضل. ومعاملتي لكم أوفى المعاملة. ومطالبتي لكم أشد المطالبة. أنا مفتش القلوب، أنا علام الغيوب. أنا ملاحظ اللحظ. أنا مراصد الهمم، أنا مشرف على الخواطر، أنا العالم بأطراف الجفون، لا يفزعكم صوت جبار دوني، ولا مسلط سواي، فمن أرادكم قصمته، ومن آذاكم آذيته، ومن عاداكم عاديته، ومن ولاكم واليته، ومن أحسن إليكم أرضيته، أنتم أوليائي، وأنتم أحبائي. أنتم لي وأنا لكم.
حدثنا أبو الفرج محمد بن عبيد الله الخرجوشي - لفظا - قال: حدثنا أبو العباس الحسن بن سعد المطوعي حدثنا أبو بكر محمد بن بنان بن عبد الله المصري - بمصر - قال سمعت أبا الفيض ذا النون بن إبراهيم المصري يقول: سألني جعفر المتوكل أمير المؤمنين أن أكتب له دعاء يدعو به، وأمر يحيى بن أكثم أن يكتبه له، فقلت له أكتب: رب أقمني في أهل ولايتك، مقام رجاء الزيادة من محبتك، واجعلني ولها بذكرك في ذكرك إلى ذكرك، وفي روح بحابح أسمائك لاسمك، وهب لي قدما أعادل بها بفضلك أقدام من لم يزل عن طاعتك، وأحقق بها ارتياحا في القرب منك، وأحف بها جولا في الشغل بك، ما حييت، وما بقيت، رب العالمين، إنك رؤوف رحيم، اللهم بك أعوذ، وألوذ وأؤمل البلغة إلى طاعتك، والمثوى الصالح من مرضاتك، وأنت ولي قدير.
قال ذو النون: فقال لي يحيى بن أكثم: هذا بس يا أبا الفيض؟ فقلت له هذا لهذا كثير إن أراد الله به خيرا، قال: ثم خرجت وودعته.