وقال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن الحسين حدثني إسحاق بن منصور قال حدثتني أم سعيد بن علقمة النخعي - وكانت أمه طائية - قالت: كان بيننا وبين داود الطائي حائط قصير، كنت أسمع حسه عامة الليل لا يهدأ، قالت وربما سمعته يقول: همك عطل على الهموم، وحالف بيني وبين السهاد، وشوقي إلى النظر إليك أوبق مني، وحال بيني وبين اللذات، فأنا في سجنك أيها الكريم مطلوب. قالت:
وربما ترتم بالآية فأرى أن جميع نعيم الدنيا جمع في ترنمه، وكان يكون في الدار وحده، وكان لا يصبح فيها - أي لا يسرج -.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أحمد بن محمد الجواليقي حدثنا جعفر ابن محمد الخلدي حدثنا أحمد يعني ابن محمد بن مسروق - حدثنا محمد بن الحسين حدثنا قبيصة بن عقبة حدثتني جارية لداود - يعني الطائي - قالت: مكث داود عشرين سنة لا يرفع رأسه إلى السماء. قال قبيصة: قد رأيته كان متخشعا جدا.
وأخبرنا الحسين بن الحسن الجواليقي حدثنا جعفر الخلدي حدثنا أحمد - هو ابن مسروق - حدثنا محمد - يعني ابن الحسين - حدثني عمرو بن طلحة القناد. قال:
ورث داود الطائي من ابن عم له - لم يكن له وارث غيره - نحوا من مائة ألف درهم، وعرضا وغيره، قال: قد جعلت ما أصابني من ميراثي منه صدقة على أهل الحاجة والمسكنة. قال عمرو: فقسمت والله في الأحياء عن آخرها درهما. قال عمرو: حدثني حماد بن أبي حنيفة قال قلت له: لو بقيت بعضها لخلة تكون؟ قال إني احتسبت بها صلة الرحم.
أخبرنا محمد بن عبد الواحد الأكبر أخبرنا الوليد بن بكر حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي حدثني أبي أحمد قال حدثني أبي عبد الله. قال: قدم هارون الكوفة، فكتب قوما من القراء وأمر لهم بألفين ألفين، فكان داود الطائي ممن كتب فيهم، ودعى باسمه: أين داود؟ قالوا داود يجيكم؟ أرسلوها إليه، قال ابن السماك وحماد بن أبي حنيفة نحن نذهب بها إليه. قال ابن السماك لحماد في الطريق: إذا نحن أدخلناها عليه فانثرها بين يديه فان للعين حظها، رجل ليس عنده شئ، يؤمر له بألفي درهم يردها! فلما دخلوا عليه نثروها بين يديه فقال: شوه؟ إنما يفعل هذا بالصبيان، وأبى أن يقبلها.