قال أبو الحسن بن الأزرق: هذا الحديث مستفيض في أهلنا، رواه أبو سعد داود ابن الهيثم بن إسحاق بن البهلول عن جدنا إسحاق عن حسان بن سنان، فرفعه عن أنس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك أبي - وأنا حاضر أسمع - فقال أبي: أبو سعد أعلم بما قال. وبلغ القاضي أبا جعفر عمى هذا عنه فقال مثل هذا: هو أعلم بما قال.
قلت: وقد رواه أبو غانم محمد بن يوسف الأزرق عن أبيه فرفعه.
أنبأناه علي بن أبي علي حدثني أبو غانم محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن البهلول حدثنا أبي حدثنا جدي إسحاق حدثني جدي حسان. قال: خرجت في وفد من أهل الأنبار إلى الحجاج إلى واسط نتظلم إليه من عامله علينا [بن] الرفيل، فدخلت ديوانه، فرأيت شيخا والناس حوله يكتبون عنه، فسألت عنه فقيل لي أنس بن مالك، فوقفت عليه فقال لي: من أين أنت؟ فقلت من الأنبار جئنا إلى الأمير نتظلم إليه، فقال بارك الله فيك، فقلت حدثني بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يا خادم رسول الله. فقال: سمعته صلى الله عليه وسلم يقول: " مر بالمعروف وانه عن المنكر ما استطعت " وأعجلني أصحابي فلم أسمع منه غير هذا الحديث. قال أبو غانم قال أبي كان جدي إسحاق يقول: أرجو أن أكون ممن سبقت فيه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " طوبى لمن رآني، ولمن رأى من رآني، ولمن رأى من رأى من رآني ".
قال أبو غانم: كان من بركة دعاء أنس لحسان أنه عاش مائة وعشرين سنة، وخرج من أولاده جماعة فقهاء، وقضاة ورؤساء، وصلحاء وكتاب، وزهاد. وولد حسان سنة ستين للهجرة ووفاته في سنة ثمانين ومائة.
قلت: وهكذا روى حديث أنس مرفوعا أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق ابن البهلول عن أبيه، وتابعه ابناه علي وجعفر. أنبأ محمد عن جدهما أحمد بن إسحاق، فاتفقوا ثلاثتهم على رفعه.
حدثني علي بن المحسن القاضي عن أحمد بن يوسف الأزرق عن مشايخ أهله قال: كان جدنا حسان بن سنان يكنى أبا العلاء، وولد بالأنبار في سنة ستين من الهجرة على النصرانية، وكانت دينه ودين آبائه، ثم أسلم وحسن إسلامه، وكانت له حين أسلم ابنة بالغ، فأقامت على النصرانية، فلما حضرتها الوفاة وصت بمالها لديرة تنوخ بالأنبار. وكان حسان يتكلم ويقرأ، ويكتب بالعربية، وبالفارسية، وبالسريانية،