وهو يكتب لبدر، وعنده جمع فيهم أبو بكر الداودي، وأحمد بن خالد المادرائي - فذكر قصة مناظرته مع الداودي في التفضيل إلى أن قال -: فقال الداودي: والله ما نقدر نذكر مقامات على مع هذه العامة، قلت: أنا والله أعرفها، مقامه ببدر، و أحد، والخندق، ويوم حنين، ويوم خيبر، قال: فإن عرفتها ينفعني أن تقدمه على أبي بكر وعمر؟ قلت: قد عرفتها، ومنه قدمت أبا بكر وعمر عليه. قال: من أين؟ قلت: أبو بكر كان مع النبي صلى الله عليه وسلم على العريش يوم بدر، مقامه مقام الرئيس، والرئيس ينهزم به الجيش، وعلى مقامه مقام مبارز والمبارز لا ينهزم به الجيش، وجعل يذكر فضائله، وأذكر فضائل أبي بكر، قلت: كم تكثر هذه الفضائل؟ لهما حق، ولكن الذين أخذنا عنهم القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدموا أبا بكر فقدمناه لتقديمهم، فالتفت أحمد بن خالد وقال: ما أدري لم فعلوا هذا؟ فقلت: إن لم تدر فأنا أدري، قال: لم فعلوا؟ فقلت: إن السؤدد والرياسة في الجاهلية كانت لا تعدو ان منزلين، إما رجل كانت له عشيرة تحميه، وإما رجل كان له مال يفضل به، ثم جاء الإسلام فجاء باب الدين، فمات النبي صلى الله عليه وسلم وليس لأبي بكر مال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما نفعني مال قط، ما نفعني مال أبي بكر ".
ولم تكن تيم لها مع عبد مناف ومخزوم تلك الحال، وإذا بطل اليسار الذي به كان رئيس أهل الجاهلية لم يبق إلا باب الدين، فقدموه له، فأفحم [ابن خالد].
أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن أحمد الضبي، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال:
القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي بن محمد بن إسماعيل بن سعيد ابن أبان الضبي - من ضبة - سمعت أبا نصر الحسين بن محمد الشاهد يقول وذكر القاضي أبا عبد الله الحسين بن إسماعيل وكان به عالما قديم الصحبة له، فأثنى عليه بأحسن الثناء وقال: القاضي أبو عبد الله تجر فحمد، وأتمن فحمد، وشهد فحمد، وولي القضاء فحمد، وأفتى فحمد، وحدث فحمد، قال أبو الحسن: ولى قضاء الكوفة فحمد آثاره في ولايته، وولي قضاء فارس وأعملها مضافا إلى الكوفة فلم يزل على القضاء إلى أن لزم دار السلطان يستعفي قبل سنة عشرين وثلاثمائة. إلى أن أجيب إلى ذلك. وكان مولده في سنة خمس وثلاثين ومائتين. وكانت وفاته في سنة ثلاثين