إلى بغداد مع جماعة من الفقراء الصوفية فقصد الجنيد بن محمد وسأله عن مسألة فلم يجبه، ونسبه إلى أنه مدع فيما يسأله، فاستوحش وأخذ والدتي ورجع إلى تستر، وأقام نحوا من سنة، ووقع له عند الناس قبول عظيم حتى حسده جميع من في وقته، ولم يزل عمر بن عثمان يكتب الكتب في بابه إلى خوزستان، ويتكلم فيه بالعظائم حتى جرد ورمى بثياب الصوفي، ولبس قباء وأخذ في صحبة أبناء الدنيا. ثم خرج وغاب عنا خمس سنين بلغ إلى خراسان، وما وراء النهر، ودخل إلى سجستان، وكرمان، ثم رجع إلى فارس. فأخذ يتكلم على الناس، ويتخذ المجلس، ويدعو الخلق إلى الله.
وكان يعرف بفارس بأبي عبد الله الزاهد، وصنف لهم تصانيف، ثم صعد من فارس إلى الأهواز وأنفذ من حملني إلى عنده، وتكلم على الناس، وقبله الخاص والعام، وكان يتكلم على أسرار الناس وما في قلوبهم، ويخبر عنها فسمي بذلك حلاج الأسرار، فصار الحلاج لقبه، ثم خرج إلى البصرة وأقام مدة يسيرة وخلفني بالأهواز عند أصحابه، وخرج ثانيا إلى مكة، ولبس المرقعة والفوطة، وخرج معه في تلك السفرة خلق كثير، وحسده أبو يعقوب النهرجوري فتكلم فيه بما تكلم، فرجع إلى البصرة وأقام شهرا واحدا، وجاء إلى الأهواز وحمل والدتي وحمل جماعة من كبار الأهواز إلى بغداد، وأقام ببغداد سنة واحدة، ثم قال لبعض أصحابه: احفظ ولدي حمد إلى أن أعود أنا، فاني قد وقع لي أن أدخل إلى بلاد الشرك وأدعو الخلق إلى الله عز وجل وخرج. فسمعت بخبره أنه قصد إلى الهند ثم قصد خراسان ثانيا ودخل ما وراء النهر، وتركستان، وإلى ماصين، ودعا الخلق إلى الله تعالى، وصنف لهم كتبا لم تقع إلى، إلا أنه لما رجع كانوا يكاتبونه من الهند، بالمغيث، ومن بلاد ماصين وتركستان، بالمقيت، ومن خراسان، بالمميز، ومن فارس، بأبي عبد الله الزاهد، ومن خوزستان، بالشيخ حلاج الأسرار، وكان ببغداد قوم يسمونه المصطلم، وبالبصرة قوم يسمونه، المحير، ثم كثرت الأقاويل عليه بعد رجوعه من هذه السفرة، فقام وحج ثالثا وجاور سنتين ثم رجع وتغير عما كان عليه في الأول، واقتنى العقار ببغداد، وبنى دارا ودعا الناس إلى معنى لم أقف إلا على شطر منه حتى خرج عليه محمد بن داود، وجماعة من أهل العلم، وقبحوا صورته، ووقع بين علي بن عيسى وبينه لأجل نصر القشوري، ووقع بينه وبين الشبلي، وغيره من مشايخ الصوفية، فكان يقول قوم: إنه ساحر. وقوم يقولون: مجنون، وقوم يقولون: له الكرامات وإجابة السؤال، واختلفت الألسن في أمره حتى أخذه السلطان وحبسه.