ذكر عقد البخاري مجلس التحديث ببغداد وامتحان البغداديين له:
أخبرني الحسن بن محمد قال أنبأنا محمد بن أبي بكر قال نبأنا أبو نصر أحمد بن أبي حامد الباهلي قال سمعت إسحاق بن أحمد بن خلف قال سمعت أبا على صالح ابن محمد البغدادي يقول: كان محمد بن إسماعيل يجلس ببغداد، وكنت أستملي له، ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألفا.
وقال محمد بن أبي بكر: سمعت أبا صالح خلف بن محمد يقول سمعت محمد ابن يوسف بن عاصم يقول رأيت لمحمد بن إسماعيل ثلاث مستملين ببغداد، وكان اجتمع في مجلسه زيادة على عشرين ألف رجل.
حدثني محمد بن أبي الحسن الساحلي قال: أنبأنا أحمد بن الحسن الرازي قال سمعت [أبا] أحمد بن عدي يقول سمعت عدة مشايخ يكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين.
فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث. فقال البخاري: لا أعرفه. فسأله عن آخر، فقال لا أعرفه، فما زال يلقى عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول لا أعرفه. فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم، ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم. ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال لا أعرفه. فلم يزل يلقى عليه واحدا بعد آخر حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه. ثم انتدب