أهدى الردى للثرى إذ نال مهجته * نجما على من يعادي الحق مصبوبا كان الزمان به تصفو مشاربه * فالآن أصبح بالتكدير مقطوبا كلا وأيامه الغر التي جعلت * للعلم نورا وللتقوى محاريبا لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا * ما استوقف الحج بالأنصاب أركوبا أوفى بعهد وأورى عند مظلمة * زندا وآكد إيراما وتأديبا منه وأرصن حلما عند مزعجة * تغادر القلبي الذهن منخوبا إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكلة * أعاد منهجها المطموس ملحوبا لا يعزب الحلم في عتب وفي نزق * ولا يجرع ذا الزلات تثريبا لا يولج اللغو والعوراء مسمعه * ولا يفارق ما يغشيه تأنيبا إن قال قاد زمام الصدق منطقه * أو آثر الصمت أولى النفس تهييبا لقلبه ناظرا تقوى سما بهما * فأيقظ الفكر ترغيبا وترهيبا تجلو مواعظه رين القلوب كما * يجلو ضياء سنا الصبح الغياهيبا سيان ظاهره البادي وباطنه * فلا تراه على العلات مجدوبا لا يأمن العجز والتقصير مادحه * ولا يخاف على الإطناب تكذيبا ودت بقاع بلاد الله لو جعلت * قبرا له فحباها جسمه طيبا كانت حياتك للدنيا وساكنها * نورا فأصبح عنها النور محجوبا لو تعلم الأرض ما وارت لقد خشعت * أقطارها لك إجلالا وترحيبا كنت المقوم من زيغ ومن ظلع * وفاك نصحا وتسديدا وتأديبا وكنت جامع أخلاق مطهرة * مهذبا من قراف الجهل تهذيبا فإن تنلك من الأقدار طالبة * لم يثنها العجز عما عز مطلوبا فإن للموت وردا ممقرا فظعا * على كراهته لا بد مشروبا إن يندبوك فقد ثلت عروشهم * وأصبح العلم مرثيا ومندوبا ومن أعاجيب ما جاء الزمان به * وقد يبين لنا الدهر الأعاجيبا أن قد طوتك غموض الأرض في لحف * وكنت تملأ منها السهل واللوبا 590 - محمد بن جمعة بن خلف، أبو قريش القهستاني:
كان ضابطا متقنا حافظا، كثير السماع والرحلة، جمع المسندين على الرجال