وإن ابن عمك صلى الله عليه وسلم قال: " من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار ". وإنه إنما أراد بذلك العلماء، فمن قام بحق الخدمة وإعزاز الملك فهو هيبة للعدو، ومن قعد اتبع السنة التي عنكم أخذت فهو زين لكم. قال: صدقت يا محمد.
ثم قال إن عمر بن الخطاب صالح بنى تغلب على ألا ينصروا أبناءهم، وقد نصروا أبناءهم، وحلت بذلك دماؤهم، فما ترى؟ قال قلت: إن عمر أمرهم بذلك وقد نصروا أبناءهم بعد عمر، واحتمل ذلك عثمان وابن عمك، وكان من العلم مالا خفاء به عليك، وجرت بذلك السنن، فهذا صلح من الخلفاء بعده ولا شئ يلحقك في ذلك، وقد كشفت لك العلم ورأيك أعلى. قال: لكنا نجريه على ما أجروه إن شاء الله، إن الله أمر نبيه بالمشورة، فكان يشاور في أمره، ثم يأتيه جبريل عليه السلام بتوفيق الله، ولكن عليك بالدعاء لمن ولاه الله أمرك، ومر أصحابك بذلك، وقد أمرت لك بشئ تفرقه على أصحابك، فخرج له مال كثير ففرقه.
أخبرني أبو الوليد الدربندي قال نا محمد بن أبي بكر الوراق ببخارى قال نا محمد بن أحمد بن حرب قال نا أحمد بن عبد الواحد بن رفيد قال سمعت أبا عصمة سعد بن معاذ يقول سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول كان محمد ابن الحسن له مجلس في مسجد الكوفة وهو ابن عشرين سنة.
أخبرنا علي بن المحسن التنوخي قال وجدت في كتاب جدي حدثنا الحرمي بن أبي العلاء المكي قال نبأنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي قال حدثني هانئ بن ضيفي قال حدثني مجاشع بن يوسف قال كنت بالمدينة عند مالك وهو يفتي الناس، فدخل عليه محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة وهو حدث، فقال: ما تقول في جنب لا يجد الماء إلا في المسجد؟ فقال مالك لا يدخل الجنب المسجد. قال فكيف يصنع وقد حضرت الصلاة وهو يرى الماء؟ قال فجعل مالك يكرر لا يدخل الجنب المسجد.
فلما أكثر عليه قال له مالك فما تقول أنت في هذا؟ قال يتيم ويدخل فيأخذ الماء من المسجد ويخرج فيغتسل. قال: من أين أنت؟ قال من أهل هذه - وأشار إلى الأرض - فقال ما من أهل المدينة أحد لا أعرفه. فقال: ما أكثر من لا تعرف، ثم نهض. قالوا