العمركي بن علي، قال: أخبرني محمد بن حبيب الأزدي، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن ذريح، عن محمد بن مسلم، قال: خرجت إلى المدينة وأنا وجع ثقيل، فقيل له: محمد بن مسلم وجع، فأرسل إلي أبو جعفر بشراب مع الغلام، مغطى بمنديل، فناولنيه الغلام، وقال لي: اشربه فإنه قد أمرني ألا أرجع حتى تشربه، فتناولته، فإذا رائحة المسك منه، وإذا شراب طيب الطعم بارد، فلما شربته، قال لي الغلام: يقول لك إذا شربت فتعال، ففكرت فيما قال لي، ولا أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي، فلما استقر الشراب في جوفي كأنما نشطت من عقال، فأتيت بابه فاستأذنت عليه، فصوت لي: فصح الجسم ادخل ادخل، فدخلت وأنا باك، فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه، فقال لي: وما يبكيك يا محمد؟ فقلت: جعلت فداك، أبكي على اغترابي، وبعد الشقة، وقلة المقدرة على المقام عندك، والنظر إليك. فقال لي: أما قلة المقدرة، فكذلك جعل الله أولياءنا، وأهل مودتنا، وجعل البلاء إليهم سريعا، وأما ما ذكرت من الغربة، فلك بأبي عبد الله أسوة بأرض ناء عنا بالفرات، وأما ما ذكرت من بعد الشقة، فإن المؤمن في هذه الدار غريب وفي هذا الخلق المنكوس، حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله، وأما ما ذكرت من حبك قربنا، والنظر إلينا، وأنك لا تقدر على ذلك، فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه ".
وذكره المفيد في الإختصاص بسنده، عن مدلج، عن محمد بن مسلم، في حديث محمد بن مسلم الثقفي.
هذا، والروايات في مدح محمد بن مسلم، وجلالة شأنه، وعظم مقامه متضافرة مستفيضة، تقدمت هذه الروايات في ترجمة بريد بن معاوية، وزرارة بن أعين، وليث بن البختري، ومحمد بن علي بن النعمان الأحول، وفيها الصحاح:
منها: صحيحة سليمان بن خالد الأقطع، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما أجد أحدا أحيا ذكرنا، وأحاديث أبي، إلا زرارة، وأبو بصير ليث