الغيبة: الباب المتقدم، الحديث 22.
أقول: يظهر من الرواية الأخيرة أن قصة ولادة محمد بن علي بن الحسين بدعاء الإمام عليه السلام أمر مستفيض معروف متسالم عليه، ويكفي هذا في جلالة شأنه، وعظم مقامه، كيف لا يكون كذلك وقد أخبر الإمام عليه السلام أن والده يرزق ولدين ذكرين خيرين، على ما تقدم من النجاشي في ترجمة أبيه علي ابن الحسين، وأنه يرزق ولدا مباركا ينفع الله به، كما في رواية الشيخ الأولى، وأنه يرزق ولدين فقيهين، كما في رواية الشيخ الثانية، وإني لواثق بأن اشتهار محمد ابن علي بن الحسين بالصدوق، إنما نشأ من اختصاصه بهذه الفضيلة التي امتاز بها عن سائر أقرانه وأمثاله، ولا ينبغي الشك في أن ما ذكره النجاشي والشيخ من الثناء عليه والاعتناء بشأنه مغن عن التوثيق صريحا، فإن ما ذكراه أرقي وأرفع من القول بأنه ثقة.
وعلى الجملة فعظمة الشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين من الاستفاضة بمرتبة لا يعتريها ريب.
ولأجل ذلك، قال ابن إدريس في كتاب النكاح، في ذيل البحث عن تحريم مملوكة الأب أو الابن على مالكه بزنا الآخر، بعد ما نقل عن الشيخ أبي جعفر القول بعدم الحرمة، قال: " هذا الآخر كلام ابن بابويه، ونعم ما قال، فإنه كان ثقة، جليل القدر، بصيرا بالاخبار، ناقدا للآثار، عالما بالرجال، حفظة، وهو أستاذ شيخنا المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، وقال السيد ابن طاووس في فلاح السائل، في مقدمته، في جملة الاعذار التي بنى عليها في نقل بعض رواته: رويت عن جماعة من ذوي الاعتبار وأهل الصدق في نقل الآثار باسنادهم إلى الشيخ المجمع على عدالته أبي جعفر محمد بن بابويه، تغمده الله برحمته... ". إلخ.
وقال في الفصل التاسع عشر من هذا الكتاب، في ذيل: (أقول وقد ورد النقل مزكيا للعقل فيما أشرت إليه): " فمن ذلك ما أرويه بطرقي التي قدمناها في