والجواب عن ذلك يظهر مما تقدم، فإن الصدوق - قدس سره - لم يروها عن الشيخ الكفعمي المتأخر عن الصدوق - قدس سره - بمئات من السنين، وقد رواها الكفعمي مرسلا عن الهادي عليه السلام، وإنما رواها الصدوق باسناده عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن موسى بن عبد الله النخعي، عن الهادي عليه السلام. الفقيه: الجزء 2، الحديث 1625، فمن أين ثبت أن الصدوق اختصر الحديث، وأسقط منه ما أدى نظره إلى إسقاطه.
الموضع الرابع: أن الصدوق روى في كتاب التوحيد، عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا أحمد ابن يعقوب بن مطر، قال: حدثنا محمد بن الحسن (الحسين) بن عبد العزيز الا حدث الجندي سابوري، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه، حدثنا طلحة بن يزيد، عن عبد الله بن عبيد، عن أبي معمر السعداني، أن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام... وساق خبرا طويلا، وهذا الخبر رواه الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج عنه عليه السلام بزيادات كثيرة، أسقطه الصدوق - قدس سره - في التوحيد.
والجواب عن ذلك يظهر مما تقدمه حرفا بحرف.
أضف إلى ما ذكرنا، أنه إذا ثبت أن الشيخ الصدوق قد يسقط من الحديث مالا يرتضيه، فما هو السبب في إساءة الظن به، فإن ذلك ليس إلا من التقطيع في الحديث، المتداول بين أرباب الحديث، فإذا كان الساقط لا يضر بدلالة الباقي لم يكن مانع عن إسقاطه، أفهل يوجب ذلك أن يقال لمثل الصدوق، وحاشاه، أن أمر الصدوق مضطرب جدا.
الامر الثاني: قد عرفت عن النجاشي، أنه قال: وكان ورد (الشيخ الصدوق) بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن. وهذه العبارة يستشكل فيها من جهتين: