الانسانية، وحاجتها هي إلى جميع طاقات القرآن وقدراته وآفاقه.
وحين رأى الامام المؤلف ضرورة الاهتمام بعلم الرجال، وما يمكن تطعيمه من عناصر واتجاهات حديثة تعالج جموده وانكماشه: فقد افرغ وسعا - طيلة خمس سنوات - للبحث عن جذور هذا الفن وأصوله بالمستوى الذي ينهض به، فاستطاع ان يقدم عشرين مجلدا ونيف، ومدخلا يتضمن تقريرا للقواعد الرجالية التي طورها وتبناها، وناقشها، تمهيدا للخوض في التعريف بالرجال، وتقرير مصيرهم، ودراسة أحوالهم.
علم الرجال إن حاجتنا إلى معرفة حال الرواة: جرحهم وتعديلهم هو الذي يجسد لنا الحاجة إلى علم الرجال، والوقوف على تفاصيله واحكامه، وهو علم يتوقف عليه الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية من مصادرها وأصولها.
ويبدو ان هناك جذورا مشتركة بين علم الرجال، وعلم السير (تراجم الاعلام والمشاهير) كما يبدو ان هذه الجذور المشتركة تؤلف علاقة أخرى بينها وبين علم الأنساب، وان هذه الجذور بالذات تربط هذه الحقول الثلاثة بعضها مع بعض، وهي تمتد إلى أصل التاريخ بمعناه العام.
بين الرجال والسير إن ما يعنى به الرجال هو البحث عن حال الرجل من حيث صلاحه أو فساده، لامكان الاعتماد عليه، أو رفضه، وامكان الاخذ بروايته أو ضربها، عن ما يوجد في سند الحديث. فما يتصل بمعرفته من هذه الوجوه يكون دخيلا في ترجمته. وعلى هذا الأساس فقد يتعرض لخصوصية ميلاده أو وفاته، عند ما يوجد التباس أو اختلاط، أو بالأصح لئلا يوجد في الرواة مثل هذا الالتباس.
وأما علم السير: فيتضمن ترجمة الأشخاص الاعلام من حيث خصائصهم النفسية وشمائلهم، وما يتحلون به من فضائل، وما لهم من رذائل، كما يبحث عن