فأول ما يدل فيها على افتعاله في ذلك نسبته إلى أبي بكر إنشاء خطبة بليغة تملق فيها لأبي عبيدة ليحمل له رسالته إلى علي (رضي الله عنه)، وغفل عن أن القوم كانوا بمعزل عن التملق، ومنها قوله: ولعمري إنك أقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قرابة، ولكنا أقرب إليه قربة، والقرابة لحم ودم والقربة نفس وروح.
وهذا يشبه كلام الفلاسفة، وسخافة هذه الألفاظ تغني عن تكلف الرد، وقال فيها: إن عمر (رضي الله عنه) قال لعلي في ما خاطبه به: إنك اعتزلت تنتظر وحيا من جهة الله، وتتواكف مناجاة الملك. وهذا الكلام لا يجوز نسبته إلى عمر (رضي الله عنه)، فإنه ظاهر الافتعال، إلى غير ذلك مما تضمنته الرسالة من عدم الجزالة التي تعرف من طراز كلام السلف (1). ميزان الاعتدال (ج 3)، لسان الميزان (6 / 369).
قال الأميني: ألا تعجب من الأعلام الذين ذكروا في تآليفهم رسالة أبي حيان التوحيدي المكذوبة التي أوقفناك على بطلانها وعلى مبلغ مفتعلها من الدين والثقة والاعتبار، كالعبيدي المالكي في عمدة التحقيق، ذكروها برمتها محتجين بها في باب فضائل أبي بكر وعمر.
- أبو خلف الأعمى البصري خادم أنس: كذاب. تهذيب التهذيب (2) (12 / 87).