البخاري عن عبد الكريم بن مالك الجزري أنه سمع مقسما يقول: قال ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر والارجون إلى بدر.
وقد أورد البخاري هذا التفسير عن ابن عباس بواسطة مقسم في موضعين من صحيحه أحدهما في غزوة بدر (1) والثاني في تفسير سورة النساء (2) ولم يرو عن مقسم في جميع صحيحه سوى هذا التفسير، وانما رواه عنه مع جزمه بضعفه لاجماع الأمة على التسامح في أمثال هذا التفسير إذ لم يشتمل على حكم شرعي، على أنه لم يرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ليكون من السنن التي اشترط صحتها كما لا يخفى.
وآفة ما رفعوه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري أبو صالح إسحاق بن نجيح الملطي، فإنه رجل سوء خبيث مفرط في الكذب، جرئ على وضع الحديث ساقط باجماع أهل الجرح والتعديل، وقد ترجمه الذهبي في ميزانه، فأورد ما قاله الأئمة في خبثه وكذبه ودجلة.
وآفة ما أسندوه من هذا الباطل إلى الامام أبي جعفر الباقر " ع " محمد بن إسحاق، إذ أوردوه في سيرته التي شحتها بأباطيل ما انزل الله بها من سلطان.
وعلى كل: فالامر سهل في هذه الأضاليل، لانحطاطها بانحطاط طرقها عن درجة الاعتبار، ولركة متونها ومناقضتها للصحيح الثابت عمن أسندت إليهم، بل لمناقضتها لما أوردناه في المبحث الثاني من حديث أبي بكر وعلى وابن عباس وابن عمر وسعد وأنس ولا تتفق مع سيرة النبي في بعوثه صلى الله عليه وآله فإنه ما أمر على علي أحدا مدة حياته بل كانت له الامرة، وكان حامل لوائه في كل زحف بخلاف غيره، فان أبا بكر وعمر ومن دونهما كانوا - حين لحق النبي (ص) بالرفيق الاعلى - في بعث أسامة باجماع أهل الأخبار، وكانا في غزوة