فلله أبوه كيف استظهر على الخليفة بهذه الحجة البالغة فأخذه من بين يديه ومن خلفه ومن جميع نواحيه حتى لم يبق في وسعه أن يثبت فأعرض وأسرع ولو أن صاحبه كان هو الأمير في ذلك الموسم - كما يزعم أبو هريرة - ما لاذ إلى الاسراع بل كانت له الحجة على ابن عباس وعمر كان مع أبي بكر إذ توجه ببراءة وإذ رجع من الطريق فهو من اعرف الناس بحقائق تلك الأحوال.
وسئل الحسن البصري عن علي عليه السلام فقال: ما أقول فيمن جمع الخصال الأربع: ائتمانه على براءة، وما قاله له رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك فلو كان يفوته شئ غير النبوة لاستثناه، وقول النبي صلى الله عليه وآله الثقلان كتاب الله وعترتي وأنه لم يؤمر عليه أمير قط، وقد أمرت الامراء على غيره، هذا كلامه بعين لفظه (1).
وأنت تعلم اخلاصه لأبي بكر وحرصه على بيان فضله، فلو كان أبو بكر هو الأمير على الحج عام براءة دون علي ما كتم امارته، ولا بخسه حقه، ولا شهد لعلي بأنه لم يؤمر عليه أحد قط، ولا عرض بأبي بكر إذ يقول وقد أمرت الامراء على غيره، ومن تدبر كلامه هذا علم أنه يقدر الائتمان على براءة حق قدره، وانه يراه خصيصة مقصورة على علي ليس لها كفؤ سواه.