أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٣٠
منازعته أمرا أهوله (1).
ثم كان من الناكثين والفاسقين والمارقين ما ملا الأجواء، وطبق الأرض والسماء وما اكشفوا حتى: - لعنوا أمير المؤمنين * كمثل اعلان الإقامة وليتهم لم يتناولوا السنن المقدسة بتمزيق ما جاء منها في تفضيله حيث حكموا - بغير دليل - على صحيحها بالوضع، وعلى صريحها بالتأويل، وعلى رواتها بالرفض. وعلى اثباتها بالتضعيف، فشوهوا كثيرا من خصائصها الحسنى، ومسخوا كثيرا من أمثالها العليا. وحرفوا كثيرا منها عن مواضعه وصرفوا الكثير منها إلى غير أهله كما فصلناه في كتابنا " تحفة المحدثين " وكما يمثله أبو هريرة في حديثه هذا إذ يقول بعثني أبو بكر إذ يقول: بعثني أبو بكر في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وآله قبل حجة الوداع بسنة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى، أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ثم أردف رسول الله بعلي بن أبي طالب فأذن معنا يوم النحر الحديث.
كان لم يكن لعلي بن أبي طالب في ذلك الموسم سوى انه اذن في معية أبي هريرة، ولا عجب من أبي هريرة في هذه الجرأة فإنه كان بفتئت الأحاديث فيقتها ويرتجلها (2) مزخرفة مزوقة على ريق لم يبلعه ونفس لم يقطعه فيخرجها لرعاع الناس بالوشي الذي يحبه السواد الأعظم من العامة وتقتضيه السياسة الغاشمة وتوجيه دعايتها الكاذبة.
ألا تراه كيف حرف الحديث عن موضعه، وصرف الفضل فيه عن أهله متقربا فيما حرف إلى أولياء الأمور، ومتحببا فيما صحف إلى سواد الجمهور

(1) هذا مقتبس من الخطبة 167 من النهج أيضا.
(2) يفتئتها بمعنى يبتدعها، ويقتها بمعنى يزورها ويحسنها، ويرتجلها بمعنى يختلقها لساعته.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»