وحسبك منها عهده يوم عرفة من حجة الوداع وقد أهاب بأهل الموقف يدلهم على مفزعهم في أداء رسالته وهو إذ ذاك على ناقته يناديهم بأعلى صوته فأشخص أبصارهم وأسماعهم وافئدتهم إليه فإذا به يقول: علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني الا أنا أو علي (1).
يا له عهدا ما أخفه على اللسان وما أثقله في الميزان جعل لعلي من صلاحية الأداء عنه " ص " عين الصلاحية الثابتة للنبي في الأداء عن نفسه فأشركه في أمره وأئتمنه على سره كما كان هارون من موسى الا ان عليا لم يكن بنبي وانما هو وزير ووصي يطبع على غرار نبيه ويبين عنه للناس ما اختلفوا فيه.
وتلك ذروة ما جعل الله تعالى ورسوله لغير علي أن يتبوأها أبدا " فأرجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير " وقد رفع رسول الله عليا إلى مستوى هو أعلى من مستوى الأمة إذ مزج لحمه بلحمه ودمه بدمه وسمعه وبصره وفؤاده وروحه بسمعه وبصره وفؤاده وروحه فقال: علي مني وأنا من علي ثم لم يكتف حتى قال:
ولا يؤدي عني الا انا أو علي فجمع فأوعى وعم فاستقصى ولا غرو فان الله تعالى يقول وهو أصدق القائلين " ولقد اخترناهم على علم على العالمين وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين ".