أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٢٧
وحسبك منها عهده يوم عرفة من حجة الوداع وقد أهاب بأهل الموقف يدلهم على مفزعهم في أداء رسالته وهو إذ ذاك على ناقته يناديهم بأعلى صوته فأشخص أبصارهم وأسماعهم وافئدتهم إليه فإذا به يقول: علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني الا أنا أو علي (1).
يا له عهدا ما أخفه على اللسان وما أثقله في الميزان جعل لعلي من صلاحية الأداء عنه " ص " عين الصلاحية الثابتة للنبي في الأداء عن نفسه فأشركه في أمره وأئتمنه على سره كما كان هارون من موسى الا ان عليا لم يكن بنبي وانما هو وزير ووصي يطبع على غرار نبيه ويبين عنه للناس ما اختلفوا فيه.
وتلك ذروة ما جعل الله تعالى ورسوله لغير علي أن يتبوأها أبدا " فأرجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير " وقد رفع رسول الله عليا إلى مستوى هو أعلى من مستوى الأمة إذ مزج لحمه بلحمه ودمه بدمه وسمعه وبصره وفؤاده وروحه بسمعه وبصره وفؤاده وروحه فقال: علي مني وأنا من علي ثم لم يكتف حتى قال:
ولا يؤدي عني الا انا أو علي فجمع فأوعى وعم فاستقصى ولا غرو فان الله تعالى يقول وهو أصدق القائلين " ولقد اخترناهم على علم على العالمين وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين ".

(١) أخرجه ابن ماجة في فضائل الصحابة ص ٩٢ من الجزء الأول من سننه ورواه الترمذي والنسائي في صحيحيهما وهو الحديث 2531 في ص 153 من الجزء السادس من كنز العمال. وأخرجه الإمام أحمد من حديث حبشي بن جنادة ص 164 من الجزء الرابع من مسنده بطرق متعددة كلها صحيحة وحسبك انه أخرجه عن يحيى ابن آدم عن إسرائيل ابن يونس عن جده أبي إسحاق السبيعي عن حبشي عن رسول الله (ص) وكل هؤلاء حجج عند الشيخين وغيرهما، ومن راجع هذا الحديث في مسند أحمد علم أنه إنما صدر في حجة الوداع التي ما لبث النبي صلى الله عليه وآله بعدها في هذه الدار الفانية إلا قليلا.
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»