أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٢٥
المدينة كئيبا مشفقا من نزول الوحي فيه وهذا ما لا يجتمع مع تأميره في ذلك الموسم ابدا، لكن الدعاية ضد الوصي كانت في منتهى القوة فكان لها اثرها في فجر الاسلام.
(المبحث الثالث): فيما ترتب من الآثار الشريفة على نبذ عهد المشركين وما كان لأمير المؤمنين بسبب قيامه بهذه المهمة من علو المقام عند العرب كافة وما بوأه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله من المجد والعلاء باختيارهما إياه لهذه المهمة ولا سيما بعد ارجاع أبي بكر عنها، إلى خصائص أخر تتصل بذلك وتوجب كونه أفضل الأمة وأولاها برسول الله صلى الله عليه وآله حيا وميتا.
كان ينبذ النبي صلى الله عليه وآله عهد المشركين ومنعه إياهم عن الحج وعن مكة واعلانه تحريم الجنة عليهم وأذانه بالبراءة منهم، كمال الدين وصلاح امر المسلمين وقوة الحق وأهله ووهن الباطل وأهله.
أدرك المسلمون به منتهى العزة ونالوا به غاية المجد فهدأت فورة الشرك وذلت نواصي المشركين فكان الدين كله لله عز سلطانه.
وقد شاء الله سبحانه أن يجري ذلك كله على يد عبده ووصي نبيه علي بن أبي طالب تنويها باسمه، وتنبيها إلى فضله، واعلاء لذكره، واعلانا لعظيم قدره، وتمهيدا للعهد بالخلافة إليه، ومقدمة للنص في العام المقبل عليه (1) فنشر صلى الله عليه وآله ذكره (بارساله إياه لأداء هذه المهمة عنه) انتشار الصبح وأطار صيته في العرب استطارة البرق، وذلك أن نبذ العهد كان مختصا عندهم بالزعيم الذي عقده ولا يتجاوزه إلا إلى من كان يمثله في زعامته ويخلفه في مكانته، ويأمن وهنه، ولا يخشى سقطته، ولا يرتاب في احكامه ولا يعتر به شك في نقضه وإبرامه.

(1) إذ كان نبذ العهد سنة تسع وكان النص عليه سنة عشر والنبي صلى الله عليه وآله قافل من حجة الوداع.
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»