أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٢٦
يرشدك إلى هذا كله قول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي حين بعثه ليأخذ براءة من أبي بكر ويذهب بها هو إلى مكة: لابد أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت قال علي: فان كان ولا بد فسأذهب بها أنا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فأنطلق فان الله يثبت لسانك، ويهدي قلبك، الحديث (1).
وأنت تعلم أن المهمة التي لا يقوم بها إلا النبي صلى الله عليه وآله أو من كان جاريا مجرى نفسه لهي الغاية القصوى في المهمات لا يتعلق بها درك قد أحرز بها على نصب السبق واستولى على الأمد فأنى يسبقه سابق أو يلحقه لاحق أو يطمع في ادراكه طامع.
ومن أنعم النظر في ارجاع أبي بكر عن المهمة وارسال علي فيها ظهرت له الحقيقة بأجلى مظاهرها.
ويجدر بنا أن نمعن في قول النبي صلى الله عليه وآله إذ بين السبب فقال (2) جائني جبرائيل فقال: لن يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك لمكانه " لن " من النفي مؤكدا ومؤيدا ومكانة المفعول المحذوف من العموم أعني مفعول الفعل المنفي بلن، إذ تقدير الحديث: لي يؤدي عنك شيئا من الأشياء الا أنت أو رجل منك ولولا قصد العموم ما حذف المفعول.
" فان قلت ": مورد هذا الحديث يفرض علينا تخصيصه به، فيكون معناه ان يؤدي عنك هذه المهمة الا أنت أو رجل منك فلا عموم هنا.
" قلنا ": ان المورد لا يخصص الوارد، علن ان الحديث ليس بالوحيد في بابه، فان في الصحاح من نظائره نصوصا تعنو لها الجباه بخوعا لم ترد في مورد خاص لتختص به، بل جاءت عامة لفظا وموردا.

(1) أخرجه احمد في ص 150 من الجزء الأول من مسنده وهو من الأحاديث الصحيحة المستفيضة من طريق الفريقين.
(2) فيما استفاض عنه من حديث علي وقد مر عليك في المبحث الثاني.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»